خالد الجندي يوضح دلالات آية «واصبر نفسك» ويؤكد أهمية القدوة والتربية الأسرية

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن قوله تعالى: «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي»، يمثل نقلة نوعية في المعنى القرآني من قضية الفقر والغنى إلى قضية النية والاستعداد النفسي.
وأوضح أن الآية لم تقتصر على الفقراء فقط، وإنما تشمل جميع المؤمنين الذين يدعون الله بإخلاص، سواء كانوا من الأغنياء أو من المحتاجين، وهو ما يعكس عمق الخطاب القرآني وشموله.
الذكر في كل الأوقات
وأشار "الجندي" خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال" ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع عبر شاشة dmc مساء الأربعاء، إلى أن ذكر الغداة والعشي في الآية الكريمة لا يعني اقتصار الدعاء على هذين الوقتين، بل هو تعبير بلاغي يدل على الذكر الدائم في مختلف الأوقات. كما أوضح أن قوله تعالى «ولا تعد عيناك عنهم» يحمل دلالة قوية على ضرورة الالتزام بصحبة الصالحين، إذ جاءت في صياغة بديعة تؤكد معنى المتابعة المستمرة لهؤلاء المؤمنين.
التدين بالقدوة والمحاكاة
وأضاف أن التدين لا يقوم على مجرد المعرفة أو السماع، بل يعتمد في جوهره على المحاكاة والقدوة العملية، فالإنسان يتأثر بالسلوكيات أكثر من الأقوال.
وأكد أن الشباب لا يمكن أن يسلكوا طريق التدين إلا إذا وجدوا أمامهم نماذج واقعية متدينة يقتدون بها في حياتهم اليومية.
دور المسجد في التربية
وشدد خالد الجندي على أن أولى النصائح التي يجب توجيهها للشباب هي الحرص على الذهاب إلى المسجد، حيث يتواجد القدوات الصالحة التي تترك أثرًا عميقًا في نفوسهم.
وبيّن خالد الجندي أن دور المسجد لم يكن يومًا محصورًا في الصلاة فقط، بل كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مركزًا للحياة الاجتماعية والتربوية، وهو ما يؤكد أهمية إعادة إحياء هذا الدور.
الأسرة نموذج أول للتدين
كما لفت "الجندي" إلى أن الأب والأم يمثلان النموذج الأول والأقرب لأبنائهما، فالأطفال ينشأون على ما اعتادوا رؤيته من سلوكيات الوالدين. فإذا كان الأبوان ملتزمين بالخلق والقيم الدينية، انعكس ذلك بصورة مباشرة على الأبناء، ما يجعل الأسرة نواة أساسية في صناعة التدين الصحيح.
مبادرات واستيعاب الشباب
مشيدا بمبادرة وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لإنشاء حضانات داخل بعض المساجد، معتبرًا أنها خطوة مهمة نحو فتح بيوت الله أمام الأنشطة الشبابية والتربوية.
وأكد خالد الجندي أن هذه المبادرة تتوافق مع ما كان ينادي به منذ سنوات، بضرورة أن تكون المساجد فضاءً رحبًا يستوعب طاقات الشباب ويعيد توجيهها بشكل إيجابي.
استحضار السنة النبوية
وضرب مثالًا بما ورد في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، أن الأحباش كانوا يلعبون في المسجد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، موضحًا أن هذا النموذج النبوي يعكس سعة أفق الإسلام وحرصه على استثمار طاقات الشباب، وعدم إقصائهم من محيط المسجد.
وأكد خالد الجندي أن الهدف من هذه الأنشطة ليس مجرد الترفيه، بل تعزيز الانتماء لبيوت الله وغرس القيم الدينية في نفوس الأجيال الجديدة.

رسالة للتربية الإيمانية
وفي ختام حديثه، شدد عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية على أن التربية الإيمانية تبدأ من البيت، وتُعزَّز داخل المسجد، وتُترجم في الحياة اليومية عبر السلوكيات والقدوات.
وشدد خالد الجندي على أن المجتمع بحاجة ماسة إلى توفير بيئة صحية للشباب، تجمع بين العلم الشرعي والنماذج العملية، حتى ينشأ جيل قادر على التمسك بدينه والاندماج الإيجابي في مجتمعه.ش