قاتل صامت برغيف الخبز.. ما هو المبيد الذي حصد أرواح أسرة «ديرمواس»؟

شهدت محافظة المنيا، وبالتحديد مركز دير مواس، واحدة من أبشع الجرائم المأساوية في الآونة الأخيرة، بعد وفاة ستة أطفال ووالدهم نتيجة تناول خبز ملوث بمبيد حشري شديد السمية يُعرف باسم الكلورفينابير، والذي استخدمته المتهمة « زوجة الأب الثانية» في جريمة هزت الرأي العام.
الكلورفينابير ودوره في كارثة أسرة ديرمواس بالمنيا
وبحسب ما أكدته تقارير مصلحة الطب الشرعي والمعامل الكيميائية، فإن المبيد السام تم خلطه عمدًا بأرغفة الخبز، ما أدى إلى تسمم الضحايا بشكل سريع، حيث يُعد "الكلورفينابير" من أخطر المبيدات واسعة الطيف ويتميز بفاعليته القاتلة سواء عن طريق الملامسة أو الابتلاع.
وُجدت آثاره في عينات مأخوذة من جثامين المتوفين، وكذلك في بقايا الطعام وأواني الطهي داخل منزل الزوجة الثانية، وفقًا لنتائج الفحص المخبري.
ما هو الكلورفينابير؟
الكلورفينابير هو مبيد حشري ينتمي إلى عائلة البيرولات، ويُستخدم على نطاق واسع في الزراعة لمكافحة الآفات الحشرية مثل دودة القطن، التربس، العناكب، وسوس العنكبوت الأحمر، إضافة إلى استخدامه في الصحة العامة للسيطرة على آفات مثل النمل الأبيض والصراصير.

يعمل المبيد بطريقة معقدة، حيث يقوم بتثبيط إنتاج الطاقة في الميتوكوندريا داخل خلايا الحشرات، ما يؤدي إلى استنزاف طاقتها الحيوية وحدوث شلل كامل حتى الموت.
وتكمن خطورته في أن آلية عمله سامة للغاية عند تعرض الإنسان له بكميات مركزة، إذ يؤدي إلى فشل في التنظيم الحراري للجسم واضطراب عمل الأجهزة الحيوية حتى توقفها عن العمل، وهو ما أكدته الفحوصات الطبية الخاصة بالضحايا.
تفاصيل الواقعة المأساوية
خلال التحقيقات، أقرت المتهمة بأنها قامت بإعداد كمية من الخبز وأضافت إليها المبيد الحشري، ثم أرسلتها إلى منزل الزوجة الأولى، حيث كان يقيم الأب وأطفاله.
وأوضحت أنها لم تكن تقصد قتلهم، وإنما كانت تريد الإضرار بالزوجة الأولى كيدًا بها، إلا أن الكميات التي استخدمتها من المبيد كانت كافية لإحداث التسمم الحاد الذي أدى إلى الوفاة السريعة.
النيابة العامة أمرت بحبس المتهمة أربعة أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات، مع استمرار فحص الأدلة الجنائية وتحليل العينات للتأكد من تفاصيل الواقعة بالكامل. كما كلفت النيابة مصلحة الطب الشرعي وخبراء السموم بإعداد تقارير موسعة عن تأثير الكلورفينابير وآلية تفاعله داخل الجسم البشري.
وتحذر الجهات الصحية من خطورة تداول المبيدات الحشرية شديدة السمية بعيدًا عن الإشراف الطبي أو الزراعي، مشددة على ضرورة التعامل معها بحذر شديد وتخزينها في أماكن آمنة، إذ أن الكلورفينابير تحديدًا يُعتبر من المركبات عالية الخطورة على الإنسان في حال ابتلاعه أو استنشاقه أو حتى ملامسته المباشرة.