عاجل

ظاهرة الانتحار بين الخطر والوقاية.. محاضرة للسيدات بمسجد الرحمة بأسيوط

محاضرة ظاهرة الانتحار
محاضرة ظاهرة الانتحار بأوقاف أسيوط

عقدت مديرية أوقاف أسيوط اللقاء الدعوي النسائي الذي انعقد اليوم الأحد الموافق 24 أغسطس 2025م بمسجد الرحمة بغرب مدينة أسيوط، حيث قدمت الواعظة الدكتورة سماح الجاحر – أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، والواعظة بمديرية أوقاف أسيوط – محاضرة مؤثرة حول " ظاهرة الانتحار وأسبابها"، بحضور جمع كريم من النساء والفتيات.

توجيهات وزير الأوقاف بنشر الوعي

وجاء هذا اللقاء  تنفيذًا لتوجيهات الدكتور أسامة السيد الأزهري وزير الأوقاف، وبرعاية الدكتور عيد علي خليفة. مدير مديرية أوقاف أسيوط، وإشراف الشيخ محمد عبد اللطيف محمود. مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية بالمديرية، الذي يولي اهتمامًا كبيرًا بدور الواعظات في التثقيف الديني، ونشر الوعي الإيماني.

الانتحار... جرح نازف في جسد الأمة

استهلت الدكتورة سماح حديثها بخطاب حار إلى النساء، مؤكدة أن الأم والزوجة والأخت والبنت هن خط الدفاع الأول ضد هذه الظاهرة، لأنهن الأقرب إلى القلوب والأقدر على مداواة الجراح الخفية. وقالت: " إن الانتحار ليس مجرد فعل فردي يائس، بل هو جرح عميق ينزف في جسد الأمة كلها، وآفة تهدد استقرار البيوت وتماسك المجتمع."

ثم أوضحت أن الشرع الحنيف جاء بتحريم الانتحار تحريمًا قاطعًا، بل وحذّر من عواقبه في الدنيا والآخرة، لأن النفس ليست ملكًا لصاحبها، وإنما هي أمانة من الله تعالى. واستشهدت بقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وبالحديث الشريف: "من قتل نفسه بشيء عُذِّب به يوم القيامة."

الأسباب الكامنة خلف الظاهرة

انتقلت الدكتورة سماح الجاحر لتسليط الضوء على الأسباب التي تدفع بعض الشباب والفتيات إلى الانتحار، وجعلتها في خمسة محاور رئيسة:

ضعف الإيمان والبعد عن الله، وهو السبب الأخطر الذي يسلب القلب طمأنينة

 الأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق والعزلة، والتي تحتاج إلى رعاية متخصصة وحانية.
 الضغوط الاقتصادية والأعباء الأسرية التي قد تدفع بعض الشباب إلى فقدان الأمل.
 تفكك الروابط الأسرية وضعف التواصل بين الآباء والأبناء، مما يترك فراغًا عاطفيًا قاتلًا.
 وسائل الإعلام ومواقع التواصل التي قد تزين الانتحار وتعرضه في ثوب بطولي.

وجهت الدكتورة سماح نداءً خاصًا للأمهات والنساء قائلة:
"أنتن أيتها الأمهات، تملكن مفاتيح القلوب، وصوتكن الدافئ قد ينتشل أبناءكن من حافة اليأس. قد تكون كلمة حنان، أو لمسة حب، أو جلسة استماع صادقة سببًا في إنقاذ نفس من الهلاك. فلا تتركن أبناءكن أسرى للانعزال أو الانكسار."

وأكدت أن البيت المسلم المتماسك هو الحصن الأول في مواجهة الانتحار، وأن التربية القائمة على الإيمان والرحمة والاحتواء تزرع في نفوس الأبناء حب الحياة، والقدرة على مواجهة الأزمات.

كما شددت على أن دور النساء لا يقف عند حدود الأسرة، بل يمتد إلى المجتمع بأكمله من خلال المشاركة الفاعلة في نشر الأمل، وتقديم الدعم النفسي والروحي للأخريات، والحرص على أن يكون للمساجد والدروس النسائية حضور قوي في حياة الفتيات.

أوضحت الدكتورة الجاحر أن للمسجد دورًا عظيمًا في نشر ثقافة الأمل، وتعزيز قيم الرضا والتوكل، معتبرة أن المرأة الواعية هي التي تجعل من حضورها للمسجد زادًا روحيًا تعود به إلى بيتها، فتبثه في نفوس زوجها وأبنائها.

وقالت: "حين تدخل المرأة إلى بيتها محملة بالإيمان، تضيء جدرانه نورًا، وتزرع في القلوب يقينًا بأن رحمة الله أوسع من كل هم، وأن أبواب الفرج لا تغلق."

في ختام المحاضرة، حملت الواعظة رسالة أمل قوية، قائلة:"إلى كل فتاة أو أم أو أخت قد يمر قلبها بلحظة يأس: لا تدعي الشيطان يسرق حياتك. استمسكي بحبل الله المتين، واعملي أن الله قريب مجيب، وأن بعد العسر يسرًا. ولتعلمي أن وجودك في هذه الحياة رسالة، وأن صبرك وجهادك في وجه الابتلاء عبادة تقربك من الله."

شهدت المحاضرة تفاعلًا مؤثرًا من النساء الحاضرات، حيث أبدين تقديرهن البالغ لما طرحته الواعظة من رؤى وأفكار، مؤكدات أن مثل هذه اللقاءات تعيد إلى النفوس الطمأنينة، وتفتح أمام المرأة آفاقًا جديدة للتفكير الإيجابي والبناء الأسري السليم.

وبهذا اللقاء، تؤكد وزارة الأوقاف أن المرأة شريك أساسي في معركة الوعي، وأنها الركيزة الأولى في تربية الأجيال، وحماية المجتمع من الانهيار النفسي والفكري. ولذلك تولي الوزارة اهتمامًا خاصًا بالواعظات، وتحرص على تمكينهن من القيام بدورهن في التوعية والإرشاد، حفاظًا على سلامة الأسر والمجتمع.

تم نسخ الرابط