عاجل

لاجل النبي وقمر سيدنا النبي من أشهر أغاني المولد النبوي

 ذكرى المولد النبوي
ذكرى المولد النبوي الشريف

مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف، تتجدد الأناشيد التي تفيض حبًا لرسول الله (صل الله عليه وسلم)، وتتصدر قائمتها أغنيتان خالدتان: "لأجل النبي" و"قمر سيدنا النبي"، ورغم اختلاف الحقبة الزمنية والروح الموسيقية بينهما، فإنهما تلتقيان في نقطة واحدة الصدق العميق في التعبيرعن محبة خاتم الأنبياء.

"لأجل النبي".. تحفة محمد الكحلاوي و"أيقونة" الموالد

تعد أغنية "لأجل النبي" واحدة من العلامات البارزة في تاريخ المدائح النبوية، فقد ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالفنان المصري الراحل محمد الكحلاوي، الملقب بـ"مداح الرسول"، والذي قدّمها لأول مرة عام 1971، لتصبح منذ ذلك الحين جزءًا ثابتًا في احتفالات المولد النبوي الشريف في مصر والعالم العربي.

ويحكي النقاد أن هذه الأغنية لم تكن في الأصل مُعدة للكحلاوي، إذ كان من المقرر أن تؤديها أم كلثوم، لكن القدر لعب دوره، وانتقلت كلماتها ولحنها إلى صوت الكحلاوي، الذي أبدع في أدائها بأسلوبه الخاص الممزوج بالخشوع والشجن.

هذا الأداء جعل "لأجل النبي" أكثر من مجرد عمل فني، إذ تحولت إلى أيقونة روحانية تستدعي حالة وجدانية خاصة لدى المستمعين، وتغرس مشاعر المحبة العميقة للنبي الكريم، وما زالت حتى اليوم تتردد في الإذاعات وحفلات الطرق الصوفية والموالد، كأنها وُلدت للتو.

سر الخلود.. مزيج بين الفن والروحانية

يرى النقاد أن سر خلود "لأجل النبي" لا يعود فقط لجمال كلماتها وألحانها، بل إلى الروح الصادقة التي حملها صوت الكحلاوي، والذي كان يعيش حالة وجد حقيقية في كل ما يقدمه من مدائح نبوية.

ويصفها الباحثون بأنها أغنية "جيل الستينات والسبعينات" التي مثلت أوج ازدهار فن المدائح في عصر الإذاعة الكلاسيكية، حيث كان الجمهور يتذوق الكلمة واللحن بروية، ويمنح الأناشيد مكانة لا تقل عن الأغاني الطربية الكبرى.

"قمر سيدنا النبي".. أنشودة جيل جديد

على النقيض من كلاسيكية "لأجل النبي"، ظهرت أنشودة "قمر سيدنا النبي" بأسلوب عصري يمزج بين البساطة والدفء، فنجحت في الوصول إلى قلوب الأجيال الشابة، وأصبحت من أكثر الأناشيد ترديدًا في الموالد والاحتفالات الدينية خلال العقد الأخير.

ارتبطت شهرة هذه الأنشودة بالمنشد المصري مصطفى عاطف، الذي بدأ في تقديمها على المسرح عام 2012، ولاحظ الاستقبال الحافل من الجمهور، فقرر تسجيلها وتصويرها كفيديو كليب، وبالفعل، حققت النسخة الأولى التي نُشرت على موقع يوتيوب في يناير 2013 انتشارًا واسعًا، قبل أن يُصدر نسخة أخرى مطورة في يوليو 2015، ضاعفت من شعبيتها.

كلمات طارق العربي طرقان.. لمسة شاعر موسيقي

تعود كلمات "قمر سيدنا النبي" إلى الشاعر والملحن الجزائري السوري طارق العربي طرقان، المعروف بأعماله الفنية المؤثرة في مجال أغاني الأطفال والبرامج الكرتونية، لكنه في هذه الأنشودة أظهر قدرة خاصة على صوغ مديح نبوي عصري يحافظ على أصالة المعنى وعمق العاطفة.

وقد جاءت الكلمات بسيطة وقريبة من القلب، تصف جمال النبي الكريم، وتدعو إلى التأسي بأخلاقه، وهو ما جعلها تدخل سريعًا إلى وجدان المستمعين من مختلف الأعمار، دون الحاجة إلى مؤثرات موسيقية ضخمة أو أساليب أداء معقدة.

كيف يجتمع المدح القديم والجديد؟

رغم اختلاف "لأجل النبي" و"قمر سيدنا النبي" في الشكل والموسيقى والأداء، إلا أن كليهما يلتقيان في جوهر واحد حب رسول الله (صل الله عليه وسلم) الصادق والخالص.

ذكرى مولد النبي الكريم
ذكرى مولد النبي الكريم

فالأولى تمثل روح المدائح الكلاسيكية التي تربت عليها أجيال الستينات والسبعينات، حيث اللحن الشرقي العميق والصوت المتمرس، أما الثانية فتعكس ذوق الجيل الجديد الذي يبحث عن البساطة والسرعة في الوصول، دون أن يتنازل عن المعنى الروحي الأصيل.

استمرار الحضور في الموالد والاحتفالات

مع كل عام، يعود صدى هاتين الأغنيتين في الموالد الشعبية، وحفلات الطرق الصوفية، والبرامج التلفزيونية التي تحتفي بذكرى مولد النبي الكريم، وتكشف هذه العودة المستمرة عن حقيقة مهمة: أن مدائح النبي محمد (صل الله عليه وسلم) ليست فنًا زائلًا، بل هي تراث متجدد يجد لنفسه أشكالًا جديدة في كل جيل.

فالكحلاوي بصوته الأصيل، ومصطفى عاطف بأدائه العصري، وطارق العربي طرقان بكلماته المشرقة.. جميعهم جسدوا حب الأمة لنبيها بأساليب مختلفة، لكن الرسالة بقيت واحدة الاحتفال بمولد الرحمة المهداة بروح الفن والصدق والوفاء.

وفي النهاية، يظل المولد النبوي الشريف مناسبة تذكرنا دائمًا بأن الفن حين يقترن بالإيمان، يولد أعمالًا خالدة لا تمحوها السنين.

تم نسخ الرابط