مساجد تاريخية| قصة تحويل مسجد الفتح بدمياط إلى كنيسة 3 مرات

يُعد مسجد الفتح بمدينة دمياط واحدًا من أعرق مساجد مصر وأقدمها بعد جامع عمرو بن العاص، حيث يعود تاريخ إنشائه إلى عام 21 هـ / 642 م عقب فتح المسلمين لدمياط. أشرف على بنائه الصحابي الجليل المقداد بن الأسود في عهد عمرو بن العاص، ليكون نسخة معمارية قريبة من جامع الفسطاط، مع أعمدته الرخامية المأخوذة من الطراز الروماني وزخارفه الكوفية,بُني المسجد بعد فتح دمياط عام 21 هـ / 642 م على الطراز المعماري لجامع عمرو بالفسطاط، ويحتوي على كتابات كوفية وأعمدة رومانية أعيد تدويرها في البناء .

ثاني أقدم مسجد بُني في مصر
يُعرف المسجد رسميًا باسم مسجد عمرو بن العاص، ويحمل لقب مسجد الفتح أيضًا، وهو ثاني أقدم مسجد بُني في مصر، بعد مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط، وربما ثاني أقدمها في إفريقيا .
محطات قاسية عبر العصور
ورغم قيمته الدينية والتاريخية، فإن المسجد مرّ بمحطات قاسية عبر العصور؛ إذ تعرض عام 1219 م، خلال الحملة الصليبية الخامسة بقيادة جان دي برين، للتحويل إلى كنيسة. وبعد تحرير دمياط عام 1221 م عاد مسجدًا، لكنه ما لبث أن تحول مرة أخرى إلى كاتدرائية على يد الملك الفرنسي لويس التاسع أثناء الحملة الصليبية السابعة عام 1249 م.

التحولات خلال العصور
1219 م: حوّل الصليبيون بقيادة جان دي برين المسجد إلى كنيسة خلال الحملة الصليبية الخامسة .
1221 م: بعد خروج الصليبيين، عاد المسجد إلى وظيفته الأصلية كمكان للعبادة الإسلامية .
1249 م: أثناء الحملة الصليبية السابعة، وعند دخول لويس التاسع، أصبح المسجد كاتدرائية كبيرة، أُقيمت فيها مراسم دينية مثل تعميد طفل مولود حديثًا تابعت قيادته الأبوية (نُسب إلى شقيق الملك) .
وبرغم هذه التحولات، ظل مسجد الفتح قائمًا، فقد جدد في العصر الفاطمي عام 1106 م، ثم خضع لعدة مراحل من الترميم، حتى تمت إعادة افتتاحه بشكل كامل أمام المصلين يوم الجمعة 8 مايو 2009، تزامنًا مع احتفالات محافظة دمياط بعيدها القومي.
ويُعد المسجد اليوم شاهدًا تاريخيًا على صمود الهوية الإسلامية في مواجهة الغزوات، وواحدًا من أبرز المعالم الأثرية التي تعكس تعاقب الحضارات على أرض مصر.

الترميم الحديث
مرّ المسجد بفترة إهمال حتى منتصف السبعينيات، حين بدأت مشكلات في ارتفاع منسوب المياه الجوفية وتدهور في بنيته. مع تجاهله، شُيّد بديل مؤقت لكنه لم يعالج المشكلة الأساسية .
في 2005، بدأت الجهود الجادة بوفاق بين وزارة الآثار ومحافظة دمياط، تحت قيادة د. زاهي حواس ود. محمد فتحي البرادعي، بأن تبدأ المرحلة الحديثة لترميم المسجد وإعادة تأهيله .
وفي 20 يوليو 2009، أعلنت الهيئة العليا للآثار – بحضور حواس – انتهاء الترميم، ضمن مشروع شامل بتكلفة حوالي 59 مليون جنيه يشمل مسجد عمرو بن العاص ومدرسته وطائفة أخرى في فارسكور .
تم إعادة الافتتاح الرسمي أمام المصلين يوم 8 مايو 2009، تزامنًا مع "العيد القومي لدمياط"؛ وهو اليوم الذي يعود فيه لويس التاسع بهزيمته عن دمياط .
معمار المسجد حاليا
رغم أن النسخة الحالية هي إعادة بناء وترميم كامل للمسجد، فإن المخطط يعكس التصميم التقليدي: فناء ساح (ساحة) يحيط به أربعة إيوانات، مع مكان مخصص للمحراب والمنبر، وتُحفظ بعض الأعمدة الرومانية والحجرية الأصلية .
تبلغ مساحة المسجد حوالي 3420 مترًا مربعًا، مما يجعله من أكبر مساجد المحافظة,ويُعد المسجد اليوم شاهدًا تاريخيًا على صمود الهوية الإسلامية في مواجهة الغزوات، وواحدًا من أبرز المعالم الأثرية التي تعكس تعاقب الحضارات على أرض مصر.