ريم بسيوني: الغزالي جمع بين العقل والقلب في تجربة روحية متكاملة|فيديو

أكدت الكاتبة ريم بسيوني أن الإمام أبو حامد الغزالي تناول قضية الحب الإلهي بمنهج عقلي منظم، متأثراً بحساسية الطرح الذي سبقه للحلاج، بهدف تقديم رؤية متوازنة تجمع بين العقل والقلب في تجربة روحية متكاملة.
رؤية الغزالي الإنسانية
وقالت ريم بسيوني خلال لقاءها مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "نظرة" على قناة صدى البلد، إن الغزالي اعتمد على أسلوب منهجي في شرح التصوف، مع التركيز على أن الغاية النهائية لكل المؤمنين هي بلوغ محبة الله.
وأوضحت ريم بسيوني أن الغزالي رأى أن التصوف ليس مجرد ممارسة طقسية، بل هو أصل الإسلام وروحه، وأن كل المقامات الروحية مثل الخوف والرجاء والتوبة والصبر والشكر، تصب في النهاية نحو المحبة الإلهية، مؤكدة: "ليس بعد المحبة مقام". ولفتت إلى أن هذا التوجه يعكس قدرة الغزالي على مزج العقل بالروحانية بطريقة تجعل الإنسان يدرك المعنى الحقيقي للعبادة والحياة الروحية.
الحب المطلق بلا شروط
أشارت ريم بسيوني إلى أن حب الله في فكر الغزالي ليس مرتبطًا بالثواب أو المكافأة، بل هو حب مطلق ينبع من الإحسان والجمال الإلهي، مؤكدة أن كل إنسان يمكنه أن يجد في هذا الحب مصدرًا للتوازن الروحي والسلام الداخلي، مضيفًا أن الغزالي فسّر بعض الظواهر الإنسانية القاسية، مثل الانتحار، ليس ككره للنفس بل كحاجة للتخفيف من الألم، مشيرة إلى أن إدراك حب النفس مرتبط بفهم الإنسان لحب الخالق.
وأكدت بسيوني أن كل تجربة إنسانية يمكن أن تقوده نحو الله، سواء عبر التأمل في إحسانه، أو تقدير خلقه، أو التمتع بجمال الكون الذي أبدعه، قائلة: "الله جميل يحب الجمال، والجمال وحده يستحق أن نحب الله لأجله"، مشيرة إلى أن هذا الرأي يعكس رؤية فلسفية عميقة تربط بين الجمال الإنساني والروحانيات العليا.
الغزالي بين العقل والتصوف
تطرقت ريم بسيوني إلى أن الغزالي لم يكن مجرد فيلسوف أو متصوف، بل كان معلماً أثر في مسار الفكر الإسلامي، وتأثر به الباحثون حول العالم، بما فيهم الغربيون الذين يعتبرونه من أعظم المفكرين الإسلاميين على مر العصور، مشيرًا إلى أن تنوع كتاباته بين الفقه، وأصول الفقه، والفلسفة، وعلم الكلام، والتصوف، يمنحه مكانة استثنائية بين علماء عصره، مما جعله مرجعًا فكريًا وروحيًا للكثيرين.
وأوضحت ريم بسيوني أن كتابها "برفقة أبي حامد الغزالي" يهدف إلى إتاحة التجربة الإنسانية والفكرية للغزالي للقارئ المعاصر، موضحة أن الهدف هو تقريب القارئ من تجربة الروحانية العقلانية التي قدمها الإمام، بما يسهم في فهم أعمق للحياة والدين والذات.
المحبة الإلهية والغائية الروحية
وأكدت ريم بسيوني أن الغزالي وضع الحب الإلهي في قلب التجربة الإنسانية، بحيث يصبح الغاية القصوى لكل المقامات الروحية. وأضافت أن الإنسان يجد سببًا لحب الله في كل تفاصيل الحياة من حوله، سواء في إحسانه، أو خلقه، أو جمال الكون، ما يجعل العلاقة مع الله علاقة طبيعية وعاطفية متجذرة في العقل والوجدان معًا.
وأشارت ريم بسيوني إلى أن الغزالي ركز على أن المحبة الإلهية ليست مجرد شعور، بل حالة إدراكية وعقلية وروحية متكاملة، تسمح للإنسان بفهم دوره في الكون وعلاقته بالخالق، كما تساهم في تعزيز التسامح والتفهم للآخرين، ما يجعلها رسالة خالدة تصلح لكل زمان ومكان.

الغزالي والإنسان المعاصر
واختتمت ريم بسيوني حديثها بالإشارة إلى أن تجربة الغزالي ليست مجرد إرث فكري قديم، بل درس حي للإنسان المعاصر في كيفية المزج بين العقل والقلب، بين الفهم الروحي والتأمل العقلي. وقالت إن قراءة كتبه وفهم مقاصده يساعد الإنسان على اكتساب رؤية متوازنة للحياة، ويعلمه كيفية تقدير الجمال الإلهي والارتقاء بالروح نحو المحبة المطلقة.
وشدد ريم بسيوني على أن الغزالي علّم أن كل فرد يمكن أن يجد في ذاته القدرة على الحب والتأمل والتسامي، مشيرة إلى أن هذا التعليم الروحي والفكري يجعل من الغزالي معلمًا خالدًا يتجاوز الزمان والمكان، ليظل مصدر إلهام للأجيال القادمة في فهم الذات والعالم والله.ش