عاجل

من التخصيص إلى السحب.. القصة الكاملة لأرض نادي الزمالك في حدائق أكتوبر

أرض نادي الزمالك
أرض نادي الزمالك

تعيش جماهير نادي الزمالك منذ سنوات على أمل رؤية مشروع متكامل للنادي بمدينة حدائق أكتوبر، على غرار ما أنجزه منافسه الأهلي في فرعي الشيخ زايد والتجمع الخامس، لكن هذه الأرض، التي كان يفترض أن تكون إضافة تاريخية للقلعة البيضاء، تحولت إلى محور جدل وأزمات متواصلة امتدت لأكثر من عقدين من الزمن، وانتهت أخيرًا بقرار وزارة الإسكان بسحبها رسميًا في أغسطس 2025.

بداية القصة: تخصيص الأرض في 2003

في عام 2003، حصل نادي الزمالك على قطعة أرض كبيرة بمدينة السادس من أكتوبر (لاحقًا منطقة حدائق أكتوبر) بمساحة تقارب 129 فدانًا، وذلك بغرض إنشاء فرع جديد للنادي يضم ملاعب وصالات ومرافق خدمية وحديقة اجتماعية.

 

أرض نادي الزمالك
أرض نادي الزمالك

القرار جاء وقتها في إطار سياسة الدولة لتشجيع الأندية الكبرى على التوسع خارج مقراتها التقليدية، وتوفير بنية تحتية رياضية تخدم الأعضاء والجماهير ،  ومنذ ذلك الحين، صار المشروع حلمًا للزملكاوية، لكنه لم يتجاوز مرحلة المخططات والرسومات.

تعاقب الإدارات.. والوعود المؤجلة

مرت إدارات مختلفة على نادي الزمالك منذ عام 2003 وحتى 2025، وكل إدارة كانت تضع "مشروع أرض أكتوبر" ضمن أولوياتها الانتخابية، لكن التنفيذ على أرض الواقع ظل محدودًا للغاية.

على الرغم من إعلان خطط متعددة لبدء إنشاءات الفرع الجديد، ظل التطوير بطيئًا للغاية، حتى أن التقارير الرسمية لهيئة المجتمعات العمرانية أشارت في نوفمبر 2023 إلى أن نسبة الإنجاز في المشروع لم تتجاوز 1% فقط بعد مرور 20 عامًا تقريبًا على التخصيص.

 

مهلات متكررة.. دون تقدم يذكر

على مدار العقدين الماضيين، منح جهاز مدينة 6 أكتوبر ومن بعده جهاز مدينة حدائق أكتوبر النادي عدة مهلات متتالية لاستكمال الإنشاءات، وفي كل مرة كان النادي يطلب مد المهلة بحجة الأزمات المالية أو تغيير مجالس الإدارة.

في أبريل 2024، قدم نادي الزمالك برنامجًا زمنيًا جديدًا يتعهد فيه بإنهاء المشروع بشكل كامل في يوليو 2025، مع الإقرار بأن أي تأخير عن هذا الموعد سيؤدي إلى أيلولة الأرض مرة أخرى للجهاز الإداري للمدينة.

تحذيرات ثم إنذارات

مع غياب التقدم الملحوظ على الأرض، وجه جهاز مدينة حدائق أكتوبر إنذارات متكررة للنادي، أبرزها بتاريخ 4 يونيو 2025، يطالبه بسرعة التنفيذ وفقًا للبرنامج الزمني المتفق عليه.

 

أرض نادي الزمالك
أرض نادي الزمالك

لكن بعد مرور المهلة المقررة وعدم حدوث أي تغيير جوهري، صدر قرار رسمي من وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية في 11 يونيو 2025 بسحب الأرض من نادي الزمالك، وقد تقرر تنفيذ القرار بالفعل في 19 أغسطس 2025 بمرافقة قوات الشرطة، ووضع لافتة على الأرض تفيد بأنها عادت تحت إدارة جهاز المدينة.

صدمة داخل النادي وردود أفعال واسعة

قرار السحب شكّل صدمة كبيرة لإدارة الزمالك وأعضائه، فقد أكد حسام المندوه، أمين صندوق النادي، أن الإدارة فوجئت بالقرار رغم أن النادي كان قد حصل – بحسب قوله – على تمديد رسمي حتى سبتمبر 2026، وأشار إلى أن الإدارة تعتزم عقد اجتماعات عاجلة مع وزارة الإسكان لإعادة التفاوض بشأن الأرض.

 

كما دخل اللاعب السابق أحمد حسام "ميدو" على الخط، معلنًا امتلاكه مستندات قانونية تثبت حق الزمالك في الأرض، ومناشدًا الدولة التدخل لدعم النادي، أما الكابتن تامر عبد الحميد فقد تساءل عن مصير ما يقرب من 800 مليون جنيه استثمرها النادي في المشروع على مدار السنوات الماضية.

سياسيًا، أعلن النائب سليمان وهدان استعداده للتوسط بين الطرفين لإيجاد حل وسط يحفظ حقوق النادي ويلبي متطلبات الدولة.

صور الأقمار الصناعية تكشف الحقيقة

مواقع رياضية وإخبارية أبرزت في تقارير حديثة صورًا ملتقطة بالأقمار الصناعية للأرض خلال فترة عشر سنوات، الصور أوضحت بجلاء غياب أي تطور فعلي في المشروع، الأمر الذي عزز موقف وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية بأن النادي لم يلتزم بالتعاقدات السابقة.

 

مقارنة مع مشاريع الأندية الأخرى

قضية أرض الزمالك أعادت إلى الأذهان الفارق بين النادي الأبيض وغريمه التقليدي الأهلي، الذي استطاع خلال أقل من عقدين أن يؤسس فرعي زايد والتجمع بمرافق حديثة وملاعب متكاملة، وهو ما جعل جماهير الزمالك تعتبر أن خسارة أرض أكتوبر تمثل ضربة جديدة لطموحات النادي في التوسع واللحاق بركب المنافسين.

أرض نادي الزمالك
أرض نادي الزمالك

الموقف القانوني والإداري

من الناحية القانونية، تؤكد وزارة الإسكان أن سحب الأرض جاء متوافقًا مع بنود التخصيص التي تشترط الالتزام بالجداول الزمنية المحددة، وإلا يتم فسخ التعاقد، في المقابل، يرى مسؤولو الزمالك أن لديهم مستندات تثبت تمديد المهلة حتى 2026، وأن تنفيذ القرار بهذه الصورة يضر بمصالح النادي وأعضائه.

 

مستقبل مجهول

حتى الآن، لم يتضح ما إذا كان الزمالك سينجح في استعادة الأرض عبر مفاوضات جديدة أو طعون قضائية، أم أن الدولة ماضية في تخصيصها لمشروعات أخرى، لكن المؤكد أن هذه الأزمة تلقي بظلالها الثقيلة على نادي الزمالك الذي يعاني أصلًا من أزمات مالية وإدارية ورياضية متلاحقة.

تم نسخ الرابط