انقسام سياسي وانتقادات حادة حول غلق وزارة التعليم.. هل يمكن لترامب إلغاؤها؟|خاص

سادت حالة من الجدل في الشارع الأمريكي بعد قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإغلاق وزارة التعليم بهدف تقليص التدخل الفيدرالي في قطاع التعليم وإعادته إلى الولايات.
وفي هذا الصدد، قال الباحث في الشؤون السياسية الأمريكية، عقيل عباس، إن الجدل حول دور وزارة التعليم يعود إلى عام 1969، حيث يرى الجمهوريون أن التعليم مسؤولية الولايات، ولا داعي لوجود وزارة تعليم اتحادية.
وأضاف الباحث في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن الوزارة، التي تأسست خلال إدارة الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر، تقتصر مهامها على تقديم المساعدات الفيدرالية والقروض للجامعات، دون التدخل في المناهج الدراسية أو التعيينات الأكاديمية.
وتابع عباس أن الجمهوريين يقترحون نقل هذه المهام إلى وزارات أخرى، مثل وزارة الخزانة، أو إنشاء هيئة صغيرة تتولى الإشراف على توزيع التمويل الفيدرالي، مشيرا إلى أن إمكانية تنفيذ ترامب لهذا القرار غير محسومة، خاصة أن الوزارة تلعب دورًا رئيسيًا في اعتماد الجامعات وتحديد أهليتها للحصول على الدعم الحكومي، ما يؤثر بشكل مباشر على فرص الطلاب في الحصول على منح وقروض دراسية.
الانتخابات المقبلة قد تعيد رسم المشهد
وأكمل عباس أثناء حديثه لـ "نيوز رووم"، أنه مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي بعد عام وتسعة أشهر، تبرز معركة سياسية بين الحزبين قد تؤثر على مستقبل وزارة التعليم، موضحا أن انتخابات 2026 ستشمل مجلس النواب فقط، مما يعني أن فوز الديمقراطيين بستة مقاعد إضافية قد يمنحهم القدرة على عرقلة خطط الجمهوريين، بما في ذلك مقترح إغلاق الوزارة.
وتابع أن انتخابات مجلس الشيوخ، التي تُجرى كل ست سنوات، سوف توفر للجمهوريين وقتًا أطول لتنفيذ سياساتهم، موضحا أنه في حال فوز الديمقراطيين بالرئاسة والكونجرس في 2028، فمن المتوقع أن يتم التراجع عن العديد من الإصلاحات التي قد يقرها ترامب، كما حدث مع بعض المؤسسات التي أعيد العمل بها بعد مغادرته المنصب.
من جانبه يقول الدكتور ادمون غريب أستاذ العلوم السياسية المتقاعد في الجامعة الامريكية، إن قرار الرئيس دونالد ترامب بحل وزارة التعليم، مستندًا إلى اعتقاده بأن الرقابة الفيدرالية على القطاع التعليمي غير فعالة وتخضع لبيروقراطية تعيق تحقيق نتائج ملموسة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية في تصريحات لـ "نيوز رووم"، أن هذا القرار يرجع هذا القرار إلى موقفه الذي تبناه منذ ولايته الأولى، حيث انتقد إنفاق الوزارة تريليونات الدولارات منذ تأسيسها عام 1979 دون تحقيق تحسن كبير في نتائج الطلاب.
وتابع ادمون أن الرئيس ترامب أشار إلى تراجع مستويات الطلاب في مواد أساسية مثل الرياضيات والقراءة، حيث أظهرت بعض الدراسات أن نسبة من خريجي المدارس الثانوية لا تتجاوز مهاراتهم في القراءة مستوى الصف الخامس أو السادس الابتدائي، بينما يحقق آخرون مستوى الصف التاسع أو العاشر، مع اختلاف هذه المعدلات بين الولايات.
وأكمل أستاذ العلوم السياسية المتقاعد، أن إدارة ترامب ترى أن إعادة السيطرة على التعليم إلى الولايات والمجتمعات المحلية سيمكن الأهالي والطلاب من الحصول على نظام تعليمي أكثر تلبية لاحتياجاتهم، مقارنة بالتوجيهات الصادرة من واشنطن.
و يرى منتقدو وزارة التعليم أنها تمثل تضخمًا غير ضروري في دور الحكومة الفيدرالية، حيث يعتقدون أن الإجراءات البيروقراطية واللوائح المكثفة تستهلك الموارد التي يمكن توجيهها مباشرة إلى تحسين جودة التدريس، حيث واجهت خطوة حل الوزارة انتقادات حادة، حيث حذر المعارضون من أن إلغائها قد يفاقم الفجوات التعليمية بين المناطق الغنية والفقيرة، ويؤثر سلبًا على الطلاب المحرومين وذوي الإعاقة، خاصة في المجتمعات الريفية.
وأعرب البعض عن مخاوفهم بشأن فقدان التمويل لبرامج تعليمية حيوية، مثل برنامج "العنوان الأول" الذي يهدف لدعم المدارس في المناطق ذات الدخل المنخفض.
يقول أستاذ العلوم السياسية، أن منتقدو القرار يروا أنه مدفوع باعتبارات سياسية وإيديولوجية أكثر من كونه خطوة إصلاحية، معتبرين أن الوزارة تلعب دورًا أساسيًا في تحقيق المساواة التعليمية وضمان المساءلة.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقع الخميس الماضي، أمرًا تنفيذيًا يقضي بإغلاق وزارة التعليم، مؤكدًا أن هذه الخطوة تهدف إلى تقليص التدخل الفيدرالي في قطاع التعليم وإعادته إلى الولايات. وقال ترامب خلال مراسم التوقيع في البيت الأبيض: "سوف نغلقها بأسرع ما يمكن. إنها لا تفيدنا. نريد إعادة طلابنا إلى الولايات".
ووجّه الأمر التنفيذي لوزيرة التعليم، ليندا ماكماهون، لاتخاذ التدابير اللازمة لإتمام الإغلاق، مع ضمان استمرار تقديم الخدمات الضرورية كما نصّ على عدم تمويل أي برامج تدعم مفاهيم التنوع أو أيديولوجية النوع الاجتماعي.
انقسام سياسي وانتقادات حادة
يأتي هذا القرار، ضمن إصلاحات ترامب الحكومية بالتعاون مع الملياردير إيلون ماسك، قوبل بانتقادات حادة من الحزب الديمقراطي، حيث اعتبر زعيمهم في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أن الخطوة تمثل "استيلاءً استبداديًا على السلطة" وواحدة من "أكثر القرارات تدميرًا".
في المقابل، دافع ترامب عن القرار باعتباره وسيلة لخفض الإنفاق وتحسين جودة التعليم، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة متأخرة في هذا المجال مقارنةً بأوروبا والصين، حيث أكد البيت الأبيض أن بعض وظائف الوزارة الحيوية، مثل إدارة القروض والمنح الدراسية، قد تستمر.