آية مفهومة غلط.. أزهري يوضح المعنى الصحيح لـ«لا يحب الله الجهر بالسوء»

كشف الدكتور هاني تمام عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، عن معنى قال الله تعالى : (۞ لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148))، حيث يشاع مفهومًا مغلوطًا عنها.
تفسير الآية 148 من سورة النساء
وقال تمام من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: بعض الناس عندما يتعرض لظلم أو ضرر من شخص، يظل يطلق لسانه فيه ويقع في عرضه بالسب والشتم والقذف، فإذا نصحه غيره تحجج بهذه الآية وقال : إني مظلوم ولي الحق في دفع الظلم وقول أي شيء، فصاروا للأسف الشديد يستحلون الوقوع في أعراض غيرهم بهذه الآية الكريمة.
وتابع: الحقيقة أن معنى الآية غير هذا؛ لأن الله لم يقل (لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم ) وإنما قيد ذلك بقوله: (من القول) والقول في لغة العرب وُضع للحكاية، أي تحكي به ما حدث فقط دون الزيادة عليه.
وبين عضو هيئة التدريس بالأزهر: بناء على ذلك إذا أردتَ الجهر بالسوء على من ظلمك أو الدعاء عليه فهذا حقك لكن لا تزد على مظلمتك شيئا ، فلا يحل لك أن تحكي إلا القول أو الفعل الذي ظُلمتَ فيه، ولا تزد على ذلك بالخوض في عرض من ظلمك بالسب والشتم والقذف والكذب عليه ورميه بالاتهامات بحجة أنه ظلمك.
حدود الجهر بالسوء الوارد بالآية 148 من النساء
ونبه أن حدود الجهر تكون بمقدار دفع الظلم، لا بالزيادة عليه، وإن أمكن دفعه بغير الجهر كان أولى وأفضل. فمن عفا وأصلح فأجره على الله. ومن فعل ذلك بأن زاد على مظلمته بالسب والشتم والكذب والوقوع في الأعراض بغير حق فقد استحق عقاب الله حتى ولو كان مظلوما؛ لأن الله يقول : (لا يحب الله الحهر بالسوء ..) وعدم محبة تعالى لشئ كناية عن غضبه على فاعله وعدم رضاه عنه ومعاقبته ، كما قال المفسرون.
وأكد أنه فلا يحب الله تعالى لأحد من عباده أن يجهر بالأقوال السيئة أو الأفعال السيئة ، إلا من وقع عليه الظلم فإنه يجوز له أن يجهر بالسوء من القول فى الحدود التى تمكنه من رفع الظلم عنه أو الشكوى دون أن يتجاوز أو يزيد على ذلك بأي شيء، " ومِنْ " هنا بيانية وهي بيان لنوع السوء بأنه من القول، وذلك يشمل كل إعلان للألفاظ ولأعمال القبيحة، والترامي بها، فيشمل القذف والسباب ونحوه ، وكل ذلك من سوء القول وفاحشه.
وشدد: افهم جيدًا قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، اسْتِطَالَةَ الْمَرْءِ فِي عِرْضِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنَ الكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ» ( سنن أبي داود ) أي من الكبائر أن يسبك شخص مرة فتسبه مرتان. بهذا الفهم لكتاب وسنة رسوله الكريم يستقيم الإنسان وبالتالي تستقيم المجتمعات.