من حلم إلى عقد عمل.. كيف تفتح برامج التدريب المجانية أبوابًا للشباب

في خطوة تعكس التزام الدولة بتمكين الشباب وتأهيلهم لسوق العمل، أعلنت وزارة العمل عن ختام الدورة التدريبية الثانية لـ33 من خريجي قسم الجغرافيا بكلية الآداب، على مهنة "مساح عام" لم تكن هذه الدورة مجرد تدريب عادي، بل كانت جسرًا يربط بين التعليم الأكاديمي واحتياجات سوق العمل الحقيقية، لتتحول أحلام هؤلاء الخريجين إلى عقود عمل ملموسة.
تأتي هذه المبادرة في إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتوسع في برامج التدريب المهني للشباب بصفة مجانية ويُعد هذا البرنامج نموذجًا ناجحًا للتعاون بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل، حيث تم التدريب في مركز التطوير المهني والتعليم المستمر بجامعة بدر، باستخدام أحدث الأجهزة المتوفرة، مما يضمن اكتساب المتدربين لمهارات عملية تتوافق مع المعايير الدولية والمحلية.
ما يميز هذا البرنامج هو أنه لم يكتفِ بالتدريب النظري، بل ركز على التطبيق العملي، مما أهَّل الخريجين للحصول على شهادة معتمدة من وزارة العمل وجامعة بدر. هذه الشهادة بمثابة جواز سفر لهم للعمل في الداخل والخارج، خاصة أن مهنة "مساح عام" تحظى بطلب كبير في مشاريع البناء والتشييد.
كما سلم وزير العمل، محمد جبران، 93 عقد عمل لكوادر مصرية اجتازت الاختبارات للعمل في البوسنة والهرسك والإمارات والأردن في مجالات البناء والزراعة، مما يؤكد على أن التدريب هو الخطوة الأولى لفتح آفاق مهنية جديدة للشباب.
إن النجاح في تحويل المعرفة الأكاديمية إلى فرصة مهنية حقيقية يكمن في ربط التعليم بالواقع العملي، وهو ما تسعى إليه وزارة العمل بالتعاون مع الجامعات والقطاع الخاص هذه البرامج المجانية لا تمنح الشباب مهارات فقط، بل تزرع فيهم الأمل والثقة في مستقبلهم المهني.
شراكات مع القطاع الخاص
وتؤكد وزارة العمل أن نجاح هذه البرامج يعتمد على الشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص، بوصفها المستفيد الأول من الكفاءات المؤهلة. ولهذا تسعى الوزارة إلى مواءمة خطط التدريب مع احتياجات الشركات، من خلال اتفاقيات تعاون ومبادرات مشتركة، تضمن توظيف الخريجين فور انتهاء برامجهم التدريبية.
تحديات وفرص
ورغم الجهود المبذولة، لا تزال برامج التدريب المهني تواجه تحديات، أبرزها ضعف الإقبال المجتمعي على المهن الحرفية، والنظرة النمطية التي تعتبرها أقل قيمة من الوظائف المكتبية. غير أن التطورات الاقتصادية الحديثة، وارتفاع الطلب على الفنيين المهرة في قطاعات الصناعة، الطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات، قد يغير هذه الصورة تدريجياً، ويمنح التدريب المهني مكانته المستحقة.
يبقى التدريب المهني أداة استراتيجية بيد وزارة العمل لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني، من خلال إعداد جيل قادر على تلبية احتياجات السوق، وتجاوز الفجوة بين التعليم النظري ومتطلبات العمل الفعلي. ومع استمرار دعم الدولة، وتزايد وعي الشباب بأهمية المهارات العملية، يتوقع أن يصبح التدريب المهني خياراً رئيسياً لضمان مستقبل مهني واعد.