عاجل

ما حكم تقييد صيغة الزواج بمدة معينة ؟ الإفتاء توضح

الزواج
الزواج

قالت دار الإفتاء أن الأصل في عقد الزواج أن يُبرم على وجه الدوام دون ارتباط بمدة محددة، فإذا جُعل الزواج مؤقتًا بوقت ينتهي بانتهائه، كان ذلك مخالفًا لمقصوده الشرعي، فيُعد العقد حينها باطلًا لا يترتب عليه أثر.


من شروط عقد الزواج أن يكون غير مؤقت

الزواج هو الوسيلة الشرعية لتكوين الأسرة التي تُعَدّ نواة المجتمع وأساس تماسكه، لذلك أولاه الإسلام عناية خاصة، فقال تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].

ومن أهم شروط صحة عقد الزواج أن يكون مطلقًا غير مقيّد بمدة زمنية محددة؛ فلا يجوز أن يُربط العقد بوقت كشهر أو سنة ثم ينتهي بانتهائها، لأن هذا يدخل في حكم نكاح المتعة الذي جاء الشرع بالنهي عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن سَبْرة الجهني:
«يا أيها الناس، إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا».

وقد نصّ فقهاء المذاهب الأربعة على هذا الشرط:
• قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: من شروط النكاح أن يكون مؤبدًا، فلا يصح النكاح المؤقت.
• وقال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: يحرم عقد المتعة، وهو النكاح المقيّد بأجل.
• وذكر الخطيب الشربيني الشافعي في مغني المحتاج: يشترط أن يكون العقد مطلقًا، فلا ينعقد إذا قُيّد بزمن معلوم أو مجهول.
• وقال الحجاوي الحنبلي في الإقناع: من مبطلات الزواج أن يكون مؤقتًا بمدة معلومة أو مجهولة، وهو نكاح المتعة.

حكم تقييد عقد الزواج بمدة زمنية

إذا صيغ العقد على أساس تحديد مدة، كأن يقول الرجل: “تزوجتك شهرًا”، فقد اختلف الفقهاء في الحكم:
• ذهب جمهور الحنفية (عدا زفر) والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الزواج في هذه الصورة باطل؛ لأنه يدخل في معنى نكاح المتعة.
• بينما خالف الإمام زفر الحنفي فقال: العقد صحيح وينعقد مؤبدًا، ويُلغى الشرط.

قال الكاساني الحنفي: إذا قال الرجل أتزوجك عشرة أيام فالعقد فاسد عند جمهور الحنفية، وقال زفر: هو صحيح والشرط باطل.
وبيّن الدردير المالكي في الشرح الكبير: النكاح المقيّد بأجل يُفسخ مطلقًا سواء قبل الدخول أو بعده.
وقال الشيرازي الشافعي في المهذب: لا يجوز عقد المتعة كأن يقول زوجتك يومًا أو شهرًا.
وجاء في كشاف القناع للبهوتي الحنبلي: نكاح المتعة –وهو الزواج إلى أمد محدد– فاسد سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة.

الفرق بين التوقيت والاشتراط عند الحنفية

يفرق الحنفية بين حالتين:
1. تقييد صيغة العقد بالمدة: كأن يقول “تزوجتك شهرًا”، فهذا باطل لأنه يدخل في معنى نكاح المتعة، إلا عند زفر الذي صحح العقد وأبطل الشرط.
2. اشتراط الطلاق بعد مدة: كأن يتزوجها بشرط أن يطلقها بعد شهر، فالعقد صحيح عندهم والشرط باطل، لأنه مجرد التزام بالطلاق وليس توقيتًا للعقد نفسه.

قال السرخسي في المبسوط: إذا قال تزوجتك شهرًا فهو متعة لا نكاح عند الحنفية، أما إن اشترط الطلاق بعد مدة فالعقد صحيح والشرط باطل.

وبناءا على ذلك

إن عقد الزواج في الشريعة الإسلامية لا ينعقد إلا إذا كان مؤبدًا غير مقيد بزمن، وذلك باتفاق جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة. أما تقييده بمدة محددة فهو باطل، لأنه يناقض مقصود الزواج الشرعي المبني على الاستقرار والدوام.

تم نسخ الرابط