أمريكا توقف تأشيرات الغزيين: ضغوط يمينية توقف علاج أطفال جرحى من غزة

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تعليق جميع تأشيرات الزيارة الصادرة للأشخاص القادمين من قطاع غزة، في خطوة مفاجئة جاءت استجابةً لضغوط واتهامات من شخصيات ومكاتب في الكونجرس، بعد تداول مقاطع فيديو تُظهر أطفالاً فلسطينيين جرحى يصلون إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج.
وقالت الوزارة في بيان رسمي: "تم تعليق جميع تأشيرات الزيارة للأشخاص القادمين من غزة، بينما نجري مراجعة كاملة ودقيقة للآليات والإجراءات التي استُخدمت لإصدار عدد محدود من التأشيرات الطبية الإنسانية المؤقتة خلال الأيام الماضية".
لومر تثير العاصفة واليمين يتبنى القضية
وقد جاء هذا القرار بعد أقل من 24 ساعة على حملة إلكترونية أطلقتها الناشطة اليمينية المتطرفة لورا لومر، والتي نشرت مقاطع تُظهر أطفالاً من غزة أثناء دخولهم الأراضي الأمريكية، ووجهت تساؤلات حادة حول كيفية حصولهم على التأشيرات.
وزعمت لومر، المعروفة بدعمها الشديد لإسرائيل، أن برنامج الإجلاء الطبي الفلسطيني يتم دون رقابة كافية، متهمة منظمات إنسانية أمريكية مثل HEAL Palestine بتسهيل دخول من وصفتهم بـ"الغزيين المرتبطين بحماس"، دون تقديم أي أدلة.
وقد وجدت لومر دعمًا واسعًا من بعض النواب الجمهوريين، من بينهم تشيب روي وراندي فاين، الذين أعربوا عن قلقهم بشأن البرنامج، وأشادوا بدور لومر في "فضح" ما وصفوه بالثغرات في نظام إصدار التأشيرات.
من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال في تصريحات لشبكة CBS إن القرار جاء بعد تلقي الوزارة استفسارات من عدة مكاتب في الكونجرس بشأن التأشيرات الممنوحة، مؤكدًا أن الوزارة "ستعيد تقييم آلية منح التأشيرات، ليس فقط للأطفال، بل أيضًا للمرافقين والمنظمات الداعمة".
كما أشار روبيو إلى أن "بعض المنظمات المشاركة في البرنامج يُزعم أن لها صلات بحماس"، لكنه لم يقدم أدلة على هذه المزاعم أو يحدد أسماء تلك الجهات.
HEAL Palestine: "نحن منظمة إنسانية غير ربحية"
من جانبها، أعربت منظمة HEAL Palestine، وهي مؤسسة أمريكية إنسانية، عن صدمتها من القرار، مؤكدة أن برنامجها يهدف حصريًا إلى تقديم الرعاية الطبية العاجلة للأطفال المصابين في غزة، ولا علاقة له بأي أجندات سياسية.
وأكدت المنظمة أن كل المرضى يغادرون الأراضي الأمريكية بعد تلقي العلاج، وأنها لا تعمل في مجال إعادة التوطين. كما أشارت إلى أنها نجحت حتى الآن في إجلاء 148 شخصًا، بينهم 63 طفلًا، إلى مستشفيات أميركية لتلقي العلاج غير المتوفر في القطاع.
ويأتي القرار في وقتٍ حرج، حيث تواصل إسرائيل حربها على قطاع غزة منذ أكثر من 22 شهرًا، وقد أدى القصف المكثف إلى تدمير شبه كامل للبنية الصحية في القطاع. منظمة الصحة العالمية كشفت أن أكثر من 14,800 مريض بحاجة إلى رعاية منقذة للحياة خارج غزة.
وقد جدد المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، دعوته للمجتمع الدولي لفتح ممرات إنسانية، مشيرًا إلى النقص الحاد في الأدوية والإمكانات الطبية داخل القطاع المحاصر.
صراع إنساني وسياسي
في الوقت الذي تتصاعد فيه الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب الظروف الكارثية في غزة، تتعرض إدارة ترمب لضغوط من داخل أوساطها السياسية، بين دعوات لمزيد من الدعم الإنساني وأصوات يمينية متشددة ترى في البرامج الإنسانية "ثغرات أمنية محتملة".
ورغم اعتراف ترمب بوجود "أزمة إنسانية حقيقية" في غزة، إلا أن إدارته لم تُظهر أي ميل لتغيير سياساتها الداعمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يعمّق من الأزمة الأخلاقية التي تواجهها واشنطن في تعاملها مع معاناة المدنيين الفلسطينيين، وخاصة الأطفال الجرحى.