خالد الجندي يوضح الدلالات البلاغية في دعاء سيدنا موسى

الدعاء هو سلاح المؤمن وعلامة افتقاره إلى الله، وهو وسيلة لتحقيق الأمنيات والتخفيف من الكروب. ومن الأدعية العظيمة التي وردت في القرآن الكريم دعاء سيدنا موسى عليه السلام عندما قال:﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ (القصص: 24).
وتحدث الشيخ خالد الجندي، عن الإعجاز البلاغي والدلالات اللغوية في دعاء سيدنا موسى عليه السلام، موضحًا الفارق بين الجملة الإنشائية والجملة الخبرية في التعبير عن الطلب.
وقال الجندي، في برنامج " لعلهم يفقهون " المذاع على قناة " dmc “إلى أن سيدنا موسى، بعد أن سقى للفتاتين، تولى إلى الظل دون أن يظهر نفسه أو يتفاخر بصنيعه، قائلًا: “مين فينا اليوم يعمل الخير ثم يخفيه؟”، في إشارة إلى التواضع في العمل الصالح.
وأوضح الجندى، أن الدعاء الوارد في الآية جاء في سياق جملة خبرية، وليس جملة إنشائية، حيث لم يقل موسى “يا رب أعطني خيرًا”، بل قال “إني لما أنزلت إلي من خير فقير”، وهو أسلوب يدل على التلميح بدلاً من الطلب المباشر، مضيفا أن الجملة الخبرية تحمل في طياتها إقرارًا بكرم الله وعطائه، وفي الوقت نفسه تعبر عن افتقار العبد وحاجته إلى المدد الإلهي، مؤكدا هذا الأسلوب يعكس أدب الطلب، إذ لم يتهم موسى ربه بالبخل أو التقصير، بل أشار إلى نعم الله الموجودة، موضحًا أنه بحاجة إلى إدراكها والاستفادة منها.
وفي ختام حديثه، أشار خالد الجندي، إلى أن الآية تعلمنا فن الطلب من الله بأدب وخشوع، حيث يقر العبد بوجود النعمة لكنه يعبر عن حاجته الماسة لها، وهو ما يستدعي سرعة الاستجابة الإلهية، كما جاء في تكملة الآية: “فجاءته إحداهما تمشي على استحياء”، مما يدل على تحقق الإجابة بصورة مباشرة.
فضل دعاء “رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ” ومعانيه العميقة
يعد دعاء سيدنا موسى عليه السلام الوارد في قوله تعالى: “فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير” (القصص: 24)، من الأدعية العظيمة التي تحمل معاني التواضع، والافتقار إلى الله، والاعتراف بفضله وكرمه. وقد توقف العلماء والمفسرون عند هذه الآية، موضحين أبعادها اللغوية والروحية، وما تحمله من دروس في فن الطلب والدعاء إلى الله.
التضرع إلى الله بأدب الطلب
عندما سقى موسى عليه السلام للمرأتين، لم ينتظر مقابلاً أو يطلب جزاءً، بل توجه مباشرة إلى الله بالدعاء، مستشعرًا حاجته الشديدة، لكنه لم يطلب صراحة بل استخدم أسلوب الجملة الخبرية بدلاً من الجملة الإنشائية، كما أشار الشيخ خالد الجندي، مما يعكس أدب الطلب من الله.
فبدلاً من أن يقول: “يا رب أعطني رزقًا”، أقرّ بوجود الخير من عند الله، وأوضح افتقاره إليه، مما يدل على الثقة بكرم الله واستشعار عطائه حتى قبل تحقق الإجابة. وهذا ما يجعل هذا الدعاء أنسب الأدعية لمن يشعر بالحاجة والضيق، ويريد أن يستجلب فضل الله دون أن يتذمر أو يشكو.
لماذا قال “لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ” وليس “لِمَا سَتُنْزِلُ إِلَيَّ”؟
في هذه الصياغة إقرار بنعم الله السابقة، فهو لم يطلب شيئًا جديدًا فقط، بل اعترف بأن الخير قد نزل إليه بالفعل، لكنه لا يزال يحتاج إلى إدراكه والاستفادة منه. وهذه رسالة روحية عظيمة، تدعو العبد إلى التفكر في النعم التي بين يديه، وعدم التذمر من قلة الرزق، بل إدراك أن الخير قد يكون موجودًا لكنه لم يُستثمر بالشكل الصحيح بعد.
استجابة سريعة: تحقيق الدعاء مباشرة
بعد أن دعا سيدنا موسى عليه السلام بهذا الدعاء، جاءت الاستجابة سريعًا في قوله تعالى: “فجاءته إحداهما تمشي على استحياء” (القصص: 25)، مما يدل على أن الافتقار الحقيقي إلى الله مع الأدب في الطلب هو مفتاح استجابة الدعاء. فقد كان موسى عليه السلام بلا مأوى أو طعام، لكنه أقرّ بحاجته إلى الله دون جزع، فجاءه الفرج فورًا.
فضل الدعاء في حياة المسلم
هذا الدعاء من أفضل الأدعية التي يمكن للمسلم أن يتضرع بها إلى الله في أوقات الحاجة والضيق، فهو:
1. يُظهر التواضع التام بين يدي الله، ويُقرّ بأن العبد لا يملك شيئًا إلا بفضل الله.
2. يحث على التأمل في النعم الموجودة بدلًا من الشكوى من فقدانها.
3. يعلمنا كيف نطلب من الله دون استعجال أو شكوى، بل بثقة ويقين في استجابته.
4. يدعو إلى الاعتراف بكرم الله وعطائه الدائم، حتى لو لم نرَ الخير بعد بأعيننا.
متى يقال هذا الدعاء؟
يمكن للمسلم أن يدعو بهذا الدعاء في أي وقت، لكنه يكون أكثر تأثيرًا في الأوقات التي يشعر فيها بالحاجة الشديدة، مثل:
• عند البحث عن عمل أو رزق.
• عند الشعور بالضيق المالي أو الحاجة إلى المساعدة.
• في أوقات السفر أو الغربة، حيث يحتاج الإنسان إلى العون.
• عند انتظار الفرج بعد الشدة