حكم النقوط في المناسبات.. بين العرف الشرعي والتقاليد الاجتماعية

تعتبر عادة "النقوط" من التقاليد الاجتماعية المنتشرة في المجتمعات العربية والإسلامية، إذ تُقدَّم في المناسبات كأعياد الزواج والختان والولادة، بهدف المشاركة في فرحة الآخرين والتكافل بينهم. ولكن يطرح الكثيرون تساؤلات حول حكمها من الناحية الشرعية، وهل تُعتبر نقوطًا هبة مجانية أم قرضًا يُرد؟
عادة اجتماعية ذات أبعاد إنسانية
يُعرف النقوط بأنه مبالغ مالية أو هدايا تُقدم من فرد إلى آخر في مناسبات الفرح، وذلك تعبيرًا عن المحبة والتضامن الاجتماعي. وتتفق غالبية الفقهاء على أن هذه العادة تُسهم في تقوية الروابط بين الناس، وتُعدّ مظاهرة إيجابية للتآلف والمودة.
اختلاف الفقهاء في الحكم الشرعي
تنقسم آراء العلماء بشأن حكم النقوط إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية:
هبة لا يُرد ثمنها: حيث يرى بعض الفقهاء أن النقوط هدية تُعطى من دون أن يُنتظر ردها، فهي بمثابة صدقة ومحبة.
هبة مع أمل في الثواب: وهناك من يرى أن المعطي ينوي الأجر والثواب من الله، وقد يُرجى مقابلة مماثلة في المستقبل، لكنها ليست دينًا ملزمًا.
قرض يجب سداده: يرى فريق ثالث أن النقوط يعتبر قرضًا يُلزم الآخذ برده، خاصة إذا كان هذا هو العرف السائد بين الناس.
العرف والحكم الشرعي
تلعب العادة أو العرف دورًا رئيسيًا في تحديد موقف الشرع من النقوط، فالشرع يعترف بالعادات الاجتماعية ما لم تتعارض مع النصوص الشرعية. وإذا كانت المجتمعات تتعامل مع النقوط كدين واجب السداد، فإن ذلك يصبح ملزمًا، أما إذا كان عرفًا للهبة والتكافل، فلا يلزم الرد.
أكدت دار الإفتاء على أهمية أن تكون عادة النقوط مبنية على نية المحبة والتكافل، لا على حساب الديون والمطالبات. وقد استشهدت بقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا»، مشيرة إلى أن العطاء الحقيقي ينبع من القلب بلا انتظار مقابل.
النقوط في المناسبات ظاهرة اجتماعية ذات قيمة إنسانية كبيرة، وأحكامها الشرعية مرهونة بالعادات المتبعة في المجتمع. ومن الأفضل أن يكون العطاء بهدف التعاون والتودد لا لطلب المقابل، ليبقى رابط المحبة والتكافل هو الأساس.