عالم بالأوقاف: صلة الرحم مفتاح الرحمة والبركة | فيديو

في ظل ضغوط الحياة المتزايدة، قد يجد البعض أنفسهم بعيدين عن أقاربهم، متجاهلين إحدى القيم الجوهرية التي شدد عليها الإسلام، وهي صلة الرحم.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن أبو عمر، أحد علماء وزارة الأوقاف، على أهمية هذه الفضيلة، موضحًا أنها ليست مجرد تواصل اجتماعي، بل هي ركيزة أساسية من ركائز الرحمة الإلهية التي وعد الله بها عباده.
صميم الرحمة الإلهية
خلال مشاركته في برنامج "رحماء بينهم" المذاع على قناة "الناس"، استشهد الدكتور أيمن أبو عمر بحديث قدسي يبرز عظمة صلة الرحم، حيث قال الله تعالى: "أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته".
وأوضح أن هذا الحديث يؤكد ارتباط الرحمة الإلهية بصلة الرحم، حيث إن من يسعى للحفاظ على علاقاته العائلية، ينال من الله عونًا وبركة في عمره ورزقه، بينما من يقطعها يعرض نفسه للحرمان من هذا الفضل.
وأشار إلى أن العلاقات العائلية ليست خاضعة لمبدأ المعاملة بالمثل، بل تقوم على الإحسان والمبادرة بالخير، حتى في حال القطيعة من الطرف الآخر. واستشهد بقول النبي ﷺ: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها"، أي أن المؤمن الحق هو من يسعى لإصلاح العلاقة، حتى وإن كان الطرف الآخر قد ابتعد أو قصر.
الرحمة الحقيقية
من أبرز مظاهر صلة الرحم، وفقًا للدكتور أيمن أبو عمر، الوقوف بجانب الأقارب في أوقات الشدة، سواء بالدعم النفسي أو المادي، لأن ذلك يعكس روح التآخي التي دعا إليها الإسلام.
واستدل بحديث النبي ﷺ: "أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم"، موضحًا أن المساعدة، ولو بكلمة طيبة، تترك أثرًا كبيرًا في نفوس الأقارب، وتعزز من قوة الروابط العائلية.
وأضاف أن الإسلام شدد على ضرورة تجاوز الأخطاء، وعدم التوقف عند المشاحنات الصغيرة التي قد تؤدي إلى قطيعة، مؤكدًا أن التسامح والعفو من أهم مبادئ الدين الإسلامي.
وبيّن أن الدعاء للأقارب بظهر الغيب يعد من صور التراحم العظيمة، حيث يربط القلوب ببعضها حتى وإن فرقتها المسافات، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ الذي قال فيه: "وإن كنت كما تقول، فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، أي أن من يسامح أقاربه ويحسن إليهم رغم إساءتهم، يجد دعمًا إلهيًا مستمرًا.

مفتاح البركة والسعادة
وأكد على أن صلة الرحم ليست مجرد فضيلة اجتماعية، بل هي باب من أبواب الخير الذي يجلب البركة والسعادة في الحياة، داعيًا الجميع إلى التغلب على ضغوط الحياة، وإيجاد الوقت لصلة الرحم، سواء بالزيارة، أو الاتصال، أو حتى الدعاء، لما في ذلك من أثر إيجابي كبير على الفرد والمجتمع.
وأشار إلى أن الإسلام جعل صلة الرحم سببًا في زيادة الرزق وطول العمر، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه"، مما يدل على أن الحفاظ على هذه العلاقة لا يعود بالنفع فقط على الجانب الروحي، بل يمتد ليؤثر إيجابيًا على الحياة الدنيوية أيضًا.
إن صلة الرحم، في جوهرها، ليست مجرد التزام ديني، بل هي انعكاس حقيقي لقيم الرحمة والمودة، التي إذا انتشرت بين الناس، ساهمت في بناء مجتمع متماسك قائم على المحبة والإخاء.