كيف نستفيد من التراث فى زماننا؟.. مفتي الديار المصرية السابق يجيب

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن التعامل مع التراث لا يقتصر على الفتاوى المباشرة، بل يشمل المؤلفات التي شكّلت العقل العلمي للأجيال السابقة، مشددًا على ضرورة تهذيبها واختصارها وشرحها وتبويبها بما يلائم واقعنا المعاصر، مع تقريب المسائل إلى الأذهان وتوضيحها للباحثين والمهتمين.
كيف نستفيد من التراث فى زماننا؟
وضرب مفتي الديار المصرية السابق، خلال حلقة "بيان للناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، مثالًا بالمستشار عبد الرزاق السنهوري باشا، الذي أنهى وضع القانون المدني المصري عام 1945، مبينًا أنه استمد كثيرًا من مواده من الفقه الإسلامي، إلا أنه انتقد العلماء في ذلك الوقت لعدم بذلهم الجهد الكافي لتبسيط هذا الفقه وتقديمه بصورة ميسرة ومفهرسة، رغم غزارة مادته العلمية.
وأشار الدكتور علام إلى أن هذه المهمة – أي إعادة عرض التراث وتنظيمه – ليست تقليلًا من قيمته، بل هي أخذ بأسباب العلم وتيسير وصوله للأجيال الجديدة، تمامًا كما كان يفعل العلماء في عصور ازدهار المعرفة.
كيف نحافظ على التراث؟ .. شوقي علام يُوضح
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن التعامل مع التراث يحتاج إلى تمييز واضح بين المقدس والفهم البشري لهذا المقدس، مشددًا على أن المقدس المتمثل في القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ لا علاقة له بما قد نعيشه من تأخر أو جهل أو تخلف، فهذه أمور لها أسباب أخرى بعيدة عن النصوص المقدسة.
وأوضح مفتي الديار المصرية السابق، خلال حلقة "بيان للناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن التراث، وفق الدراسات المعاصرة، ينبغي أن يقتصر على فهم النصوص الشرعية، وهو فهم بُني على قواعد ومناهج وأصول منضبطة، لا على الأهواء أو الرغبات، مؤكدًا أن هذا الفهم كان دائمًا مرتبطًا بزمانه ومكانه وأحوال الناس في عصره.
وأشار الدكتور شوقي علام إلى أن من الخطأ نقل الفتاوى أو الأحكام المرتبطة بواقع سابق بكل تفاصيله إلى زمن لاحق مختلف في ظروفه وسياقاته وثقافته، مشددًا على أن ما يجب نقله هو الأصول والقواعد والمنهجية التي اعتمد عليها العلماء في إصدار تلك الفتاوى.
وضرب مثالًا بفتاوى علماء مثل ابن حجر العسقلاني، والإمام السيوطي، والشيخ محمد المهدي العباسي، مبينًا أن كثيرًا من الفتاوى القديمة، خاصة في مجال المعاملات والعادات، لم يعد لها مجال للتطبيق اليوم، بينما تبقى الفتاوى المتعلقة بالعبادات والأخلاق والعقائد أكثر قابلية للاستمرار.
وأكد على أن الأهم من نص الفتوى القديمة هو معرفة المنهج الذي وصل به العالم إلى حكمه، لأن هذا المنهج هو الذي يمكن الاستفادة منه ونقله للأجيال اللاحقة.