حسابات المشاهير.. بين الإعلانات المشروعة وغسيل الأموال
حسابات المشاهير.. بين الإعلانات المشروعة وغسيل الأموال

تحولت وسائل التواصل الاجتماعي من منصات للتواصل والتسلية إلى أسواق رقمية ضخمة، يتصدرها مشاهير و"بلوجرز" يحققون أرباحًا طائلة من الإعلانات والتسويق للمنتجات.
لكن وسط هذه الطفرة، برزت قضايا أثارت الجدل، كان آخرها إحالة إحدى البلوجرز الشهيرات للمحكمة الاقتصادية بتهم تتعلق بغسيل الأموال، وهو ما أعاد تسليط الضوء على العلاقة المعقدة بين النشاط الدعائي على الإنترنت وحركة الأموال عبر البنوك.
كيف تتحول الإعلانات إلى واجهة لغسل الأموال؟
بحسب خبراء أسواق المال، يمكن أن تُستغل شهرة المؤثرين كواجهة لأنشطة مالية غير مشروعة، عبر سيناريوهات مثل، إعلانات وهمية حيث يدفع طرف مجهول المصدر أموالًا كبيرة مقابل ترويج منتج أو خدمة غير موجودة، بجانب المبالغة في قيمة الإعلانات حيث تضخيم أسعار الحملات الدعائية لتبرير تحويلات مالية ضخمة، لاسيما التحويلات الدولية حيث تلقي أموال من جهات خارجية عبر حسابات بنكية أو منصات دفع إلكتروني، ثم إعادة ضخها في السوق المحلي لإخفاء مصدرها.
دور البنوك والرقابة المالية
واوضخ الخبراء أن البنوك المصرية ملزمة قانونًا، وفق قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته، بمراقبة الحسابات البنكية والإبلاغ عن أي تعاملات مشبوهة، خاصة إذا كانت التحويلات لا تتناسب مع طبيعة نشاط العميل.
في حالات المشاهير، يلفت الخبراء إلى أن حجم الإيداعات المتزايد بشكل مفاجئ أو التحويلات غير المبررة قد يثير شكوك وحدات الامتثال في البنوك، ما يدفعها لرفع تقارير إلى وحدة مكافحة غسل الأموال بالبنك المركزي.
المحكمة الاقتصادية.. خط المواجهة الأخير
القضايا التي تتعلق بالجرائم المالية الحديثة، مثل غسل الأموال والاحتيال الإلكتروني، تُحال غالبًا للمحكمة الاقتصادية، كونها تمتلك الاختصاص الفني والقضائي للتعامل مع ملفات معقدة تجمع بين القانون والاقتصاد والتكنولوجيا.
وفي القضية الأخيرة، اعتمدت النيابة على تقارير البنوك وسجلات التحويلات لإثبات وجود معاملات مالية لا تتناسب مع نشاط البلوجر المعلن، ما عزز الشبهات حول مصدر الأموال.
التأثير على القطاعات الاقتصادية
قضايا من هذا النوع لا تتوقف عند حدود الشخص المتهم، بل تمتد آثارها لقطاعات اقتصادية كاملة أبرزها،
البنوك التي تواجه ضغطًا أكبر لتشديد إجراءات المراجعة والامتثال، بحسب مصدر مصرفي مسئول.
وأوضح أن العامل الثاني هو التجارة الإلكترونية التي تتأثر سمعتها إذا ارتبطت بحملات دعائية ذات طابع مشبوه.
وأشار إلى الاتجاة الثالث هو الاستثمار التي يؤثر في تراجع الثقة في بعض المعاملات الرقمية قد يبطئ نمو اقتصاد المؤثرين.
وعلى الجانب الأخر قال محمد بدرة الخبير الاقتصادي أن اقتصاد المؤثرين مشروع في أساسه، لكن غياب الشفافية في التعاملات المالية يفتح الباب أمام استغلاله من قبل شبكات غسل الأموال."
وأوضح أن البنوك المصرية تطبق معايير اعرف عميلك (KYC) بدقة، لكن مع التسارع الرقمي، يجب تعزيز التعاون بين الجهات الرقابية وشركات التكنولوجيا المالية.
بين الحرية والمسؤولية
نجاح المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي يمثل نموذجًا اقتصاديًا جديدًا في مصر، لكنه يحتاج إلى ضوابط واضحة تحميه من الاستغلال، سواء عبر تشديد الرقابة على مصادر الدخل أو رفع وعي المشاهير بأهمية الشفافية المالية.