نجوى كرم تكتب فصلًا ذهبيًا جديدًا في تاريخ قرطاج وتكسر الأرقام القياسية

في أمسية استثنائية، تحولت ليلة أمس إلى حدث فني عربي بارز، حين أضاءت شمس الأغنية العربية، الفنانة اللبنانية نجوى كرم، مدرجات مسرح قرطاج الأثري، ضمن فعاليات الدورة التاسعة والخمسين من مهرجان قرطاج الدولي، حيث لم يكن الحفل مجرد عرض غنائي، بل كان موعدًا مع التاريخ، إذ أعلنت إدارة المهرجان قبل 24 ساعة من انطلاقه أن التذاكر نفدت بالكامل (Sold Out)، ليصبح الحفل الوحيد في هذه الدورة الذي يحقق هذا الإنجاز، في إشارة واضحة إلى المكانة الفريدة التي تحظى بها نجوى في قلوب الجمهور التونسي والعربي.
ساعتان ونصف من السحر الحي
منذ اللحظة الأولى وحتى إسدال الستار بعد ساعتين ونصف، بدا أن الزمن توقف على ركح قرطاج، حيث ترددت أصداء صوت نجوى كرم في أرجاء المسرح التاريخي، ممتزجة مع أصوات الآلاف الذين غصّت بهم المدرجات الحجرية، الجمهور لم يكن مجرد متلقٍ، بل شريكًا في الأداء؛ فقد تحولت الأغنيات إلى كورال ضخم يهتف بكلماتها القديمة والجديدة على حد سواء، في مشهد يجسد الرابط العاطفي العميق بينها وبين محبيها.
ألبومها الأخير كان حاضرًا بقوة، إذ تفاعل الحاضرون مع “حالة طوارئ” و“كلمة بكلمة” و“يلعن البعد”، وكأن هذه الأعمال وُلدت منذ سنوات في وجدانهم، لا منذ أشهر فقط، في دليل على سرعة انتشارها وقدرتها على أن تصبح جزءًا من الذاكرة الغنائية للجمهور.
تحية لتونس من القلب
اختارت نجوى كرم أن تفتتح الحفل بتحية خاصة لقرطاج عبر أغنية “دايم عزك يا قرطاج”، لتشعل التفاعل منذ اللحظات الأولى، هذه اللفتة لم تكن مجرد بروتوكول، بل تعبيرًا عن علاقة وجدانية متينة تربطها بتونس، علاقة وصفتها سابقًا بأنها أشبه برابطة الدم، وكعادتها في كل لقاء، صرخت من قلب المسرح: “بحبك يا تونس”، لتأتي الإجابة من آلاف الحناجر: “نحبوك برشا”، في مشهد يختصر معنى الانتماء العابر للحدود.
كلمات من القلب للجمهور
وسط هذه الأجواء، خاطبت جمهورها بكلمات حميمية: “عزّك دايم يا قرطاج… أحلى وأهم شيء هي الذكريات. عنّا حنين وشوق، واليوم بدنا نصنع ذكريات أجمل مع بعض.”، بهذه الكلمات لم تكن مجاملة عابرة، بل وعدًا قطعته على نفسها قبل أن تشرع في تقديم باقة من أجمل أعمالها، مصحوبة بإيقاعات الفرح والرقص والتصفيق المستمر الذي لم يهدأ لحظة.
قرطاج يتصدر التريند العربي
لم يقتصر النجاح على المقاعد الحجرية للمسرح، بل امتد إلى الفضاء الرقمي، حيث تصدر اسم نجوى كرم وحفلها قوائم التريند في تونس وعدد من الدول العربية. مواقع التواصل الاجتماعي امتلأت بمقاطع الفيديو والصور التي وثّقت كل لحظة، لتتحول الأمسية إلى حدث عربي بامتياز، يتردد صداه من قرطاج إلى بيروت مرورًا بعواصم عربية أخرى.
تصريحات نجوى كرم بعد الحفل
عقب انتهاء الحفل، التقت نجوى وسائل الإعلام التونسية والعربية في مؤتمر صحفي، حيث وصفت قرطاج بأنه: “حالة طوارئ فنية إيجابية لكل فنان.”
وأضافت: “لا أظن أن أحدًا ينسى أنجح أيام حياته. كل مرة أجي فيها لقرطاج بيكون عندها طابع مميز. هذا المسرح لا يستقبلني فقط، بل يحتضنني… بيني وبينه قصة عمر لا تُنسى.”
كلماتها عكست إدراكها العميق لقيمة هذا الصرح التاريخي، ووعيها بأن النجاح على مسرح قرطاج ليس مجرد محطة فنية، بل شهادة على مكانة الفنان في الوجدان العربي.