عاجل

السخرية في القرآن.. رئيس جامعة الأزهر يحذر من فتنة مجتمعية خطيرة (فيديو)

الدكتور إبراهيم الهدهد
الدكتور إبراهيم الهدهد

أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن القرآن الكريم قدم تحذيرات واضحة من الآفات الأخلاقية التي تؤدي إلى إفساد المجتمعات، وعلى رأسها السخرية والاستهزاء، مستدلًا بما ورد في سورة الحجرات، التي أطلق عليها العلماء اسم "سورة الأدب"، لما تتضمنه من تعاليم أخلاقية تحفظ وحدة المجتمع وتمنع أسباب الفتنة.

السخرية العائلات والمجتمعات

جاءت تصريحات الدكتور الهدهد خلال حلقة من برنامج "ولا تفسدوا"، المذاع على قناة الناس، حيث أوضح أن السخرية ليست مجرد استهزاء فرد بفرد، بل قد تمتد آثارها لتشمل العائلات والمجتمعات، مما يؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية وتصاعد النزاعات.

وأضاف قائلًا: "حينما تسخر من شخص، فإن هذا الشخص ينتمي إلى عائلة، وإذا وصل إليه استهزاؤك به، فإنه قد يحاول الدفاع عن نفسه، وينضم إليه قومه، وينضم إليك قومك، فتتحول السخرية إلى فتنة مجتمعية واسعة"، مما يبرز خطورة هذه الظاهرة التي تبدأ بتصرف فردي لكنها قد تتسبب في أزمات اجتماعية.

تحذير قرآني مباشر 

وأشار الدكتور الهدهد إلى أن القرآن الكريم استخدم أساليب تحذيرية متعددة، أبرزها النهي الصريح في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ" (الحجرات: 11).

وأوضح أن تخصيص الرجال والنساء بالنهي عن السخرية يؤكد خطورة هذه الظاهرة وشموليتها، حيث لم يفرق القرآن بين فئات المجتمع، بل وجه التحذير للجميع دون استثناء، نظرًا لما قد تسببه السخرية من أذى نفسي واجتماعي.

كما أشار إلى أن القرآن لم يقتصر على النهي عن السخرية فقط، بل حذر أيضًا من اللمز والتنابز بالألقاب، حيث قال الله تعالى:"وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" (الحجرات: 11)، مؤكدًا أن عيب الآخرين يجلب الضرر على صاحبه، وكأن الإنسان حينما يعيب غيره يعيب نفسه دون أن يشعر، وهو تحذير إلهي بليغ يعكس ضرورة حفظ الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع.

السخرية بالإشارة والحركة

ولفت الدكتور الهدهد إلى أن السخرية قد لا تكون بالكلام فقط، بل تأخذ أشكالًا متعددة مثل الإشارة أو الحركة أو حتى التعبيرات الوجهية، وكلها وسائل قد تؤدي إلى إهانة الآخرين وإشعال العداوات بين الأفراد والمجتمعات.

وأكد أن الإسلام يدعو إلى احترام الآخرين وعدم التعدي عليهم بأي شكل من الأشكال، وأن الاستهزاء والسخرية يمكن أن يكونا بوابة لانتشار الفتنة وإحداث شرخ في العلاقات الاجتماعية، ما يستوجب الابتعاد عن هذه السلوكيات والتحلي بالأخلاق الرفيعة.

التحلي بأخلاق الإسلام 

وشدد الدكتور إبراهيم الهدهد على أن السخرية والاستهزاء من أخطر العوامل التي تساهم في إفساد المجتمعات وإثارة الفتن، داعيًا الجميع إلى التحلي بأخلاق الإسلام والتمسك بالقيم التي تدعو إلى التراحم والتسامح والاحترام المتبادل.

وسأل الله أن يوفق الجميع إلى طاعته، ويحفظ المجتمع من الفساد الأخلاقي، مؤكدًا أن الالتزام بتعاليم القرآن الكريم في التعامل مع الآخرين هو السبيل الأمثل لتحقيق مجتمع متماسك يسوده الحب والتقدير والاحترام.

تم نسخ الرابط