الحسكة تجمع الطوائف بعد سقوط الأسد: مؤتمر "وحدة الموقف" يُعيد رسم ملامح سوريا

بعد ثمانية أشهر على سقوط نظام بشار الأسد، شهدت مدينة الحسكة تطوراً سياسياً غير مسبوق، مع انعقاد مؤتمر "وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا"، الذي جمع تحت سقف واحد أطيافاً دينية وقومية طالما فرقتها عقود من القمع والصراع.
وقد شارك في المؤتمر ممثلون عن السنة والعلويين والدروز والتركمان والأكراد والإيزيديين والآشوريين والمسيحيين، في مشهد وطني وصفه مراقبون بـ"النادر"، إذ مثل المؤتمر أول منصة حوار من هذا الحجم منذ انهيار سلطة الأسد.
تحالف الأقليات
لكن المؤتمر لم يمر دون جدل؛ إذ اعتبره البعض محاولة لإعادة إنتاج "تحالف الأقليات" بما يهدد مشروع بناء سوريا موحدة، بينما رأى فيه آخرون خطوة شجاعة نحو خطاب وطني جامع يُقصي الانتقام ويواجه الطائفية بالمساواة والمواطنة.
ورأت مصادر سورية أن الإدارة الذاتية الكردية استطاعت في يوم واحد تحقيق اختراق سياسي، عبر جمعها ممثلي المكونات السورية كافة، في وقت عجزت فيه قوى أخرى عن بناء الحد الأدنى من التوافق السياسي.
حضور لافت لرموز دينية
وحظي المؤتمر بحضور لافت لرموز دينية مثل الشيخ حكمت الهجري والشيخ غزال غزال، ما اعتُبر مؤشراً على تصاعد دور رجال الدين في غياب النخب السياسية، وهو إرث لما وصفه مراقبون بـ"التصحر السياسي" الناتج عن حكم نظام الأسد لعقود.
من جهته، أثار الإعلامي السوري نضال معلوف جدلاً واسعاً بتساؤله: "لماذا لا يُعقد هذا المؤتمر في دمشق بقيادة الأغلبية السنية؟"، مشيراً إلى أن انعقاد المؤتمر لم يكن ليتم دون توافقات دولية ضمنية بين واشنطن وأنقرة وموسكو.
وشدد البيان الختامي للمؤتمر على ضرورة بناء دولة ديمقراطية مدنية، ترفض الإقصاء وتضمن حقوق كل المكونات، وأكد على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، داعياً إلى حوار وطني شامل لإعادة بناء البلاد.