عاجل

يعتبر العلماء أن أسس التكنولوجيا راجعة إلى المايكروتشيبس، والذكاء الاصطناعي العام، والحوسبة الكمية
وقد ظهر المايكروتشيبس نتيجة اختراع الترانزستور عام 1947، وشكّلت لعقود الأساس لتطور الذكاء الاصطناعي، وفي عام 2025، وُجدت شرائح قادرة على أداء يفوق الأجيال السابقة بثلاثين ضعفًا، مما أحدث طفرة هائلة في التعلم الآلي والأنظمة الذاتية، وأما الذكاء الاصطناعي العام (AGI) فهو المرحلة التي تصل فيها الآلة إلى مستوى التفكير واتخاذ القرار البشري، حيث يرى خبراء التقنية أن هذا قد يتحقق في ثلاثينيات هذا القرن، بينما يتوقع آخرون أن يمتد حتى أربعينياته. ووفقًا لمدير شركة “ديب مايند” ديميس هسابيس، يمكن أن يصبح ذلك حقيقة في غضون 5–10 سنوات، وهذه التقنية تحمل القدرة على حل مشاكل البشر، لكنها تخفي في طياتها أخطارًا جسيمة.
أما الحوسبة الكمية فإنها ستوفر قوة حسابية غير مسبوقة، ما يمهّد لظهور الذكاء الاصطناعي الكمي (QAI) الذي قد يجعل سرعة الذكاء الاصطناعي الحالي أكبر آلاف المرات، ويتوقع الخبراء أن تولد التكنولوجيا الكمية قيمة اقتصادية تصل إلى 450–850 مليار دولار بحلول 2040، وأن تغيّر شكل العلوم الإنسانية مع نهاية القرن، وهناك عدد من السيناريوهات المستقبلية تنحصر في توقع أن يكون المستقبل بمثابة عصر ذهبي، أو إقطاع رقمي، ففي مجال التحولات الاقتصادية والاجتماعية سيكون الذكاء الاصطناعي العام عاملًا ورأسمالًا في آنٍ واحدٍ، وإن بقيت هذه التكنولوجيا محتكرة لدى شركات كبرى أو دول محددة، قد يتجه العالم نحو ما يسمى بـ”الإقطاع التكنولوجي” أو Techno-Feudalism، مما يستلزم تشريعات عالمية حتى تتحقق المساواة، إضافة إلى وضع أطر أخلاقية، وربما نظام “توزيع عائدات ذكاء اصطناعي” عالمي.
إذا وصلت أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة التحسن الذاتي السريع (Singularity)، قد تتجاوز فَهْمُ البشر وسيطرتهم، وبعض الخبراء يقدّرون أن مثل هذه التكنولوجيا قد تحمل خطرًا على بقاء الإنسان بنسبة تتجاوز 10%.
وإذا استُخدمت هذه التقنيات بتوجيه أخلاقي عالمي، يمكنها حل مشكلات الجوع والفقر والبيئة، أما إذا تُركت بلا ضابط، فقد تؤدي إلى عدم مساواة اجتماعية، بل وتهديد الوجود البشري نفسه، ومع استحواذ الذكاء الاصطناعي على معظم الوظائف التقليدية، سيحتاج الإنسان إلى إيجاد أهداف جديدة: وأعمال إبداعية، كما سيحتاج المجتمع إلى التكيف مع الاقتصاد الجديد عبر أدوات مثل الدخل الأساسي الشامل، وستحدث تأثيرات أخلاقية واجتماعية نتيجة انتهاء الخصوصية. 
قد يصبح الذكاء الاصطناعي العام ثابتًا على أهدافه درجة يصعب معها إيقافه أو تعطيله، وإن كانت أهدافه مخالفة للقيم الإنسانية فالعواقب ستكون كارثية، خاصة في ظل السباق العالمي نحو الذكاء الاصطناعي، مما قد يجعل الأولوية للسرعة لا للأمان، وإن احتكرت مؤسسات محدودة هذه التكنولوجيا، ستُستغل لمصالح الأقوياء لا لصالح البشرية.
ورغم الآمال لدى صناع الذكاء الاصطناعي في خلق روبوتات تتمتع بما اختص الله تعالى به الإنسان، إلا أن القرآن الكريم أخبرنا أن الوجود الإنساني الأصيل من خلق الله وحده، ولا يمكن لأي آلة أو ذكاء اصطناعي أن يكون بديلًا عن الروح الإنسانية.
استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي العام والتكنولوجيا الكمية في ظل العدالة والأخلاق والتعاون الدولي يمكن أن يفتح أبواب السلام والازدهار والشفاء والمعرفة، ومن دون ضبط أخلاقي، قد تجلب هذه التقنيات الدمار الاجتماعي والاستبداد وربما فناء الإنسان ذاته.
ويمكن للتكنولوجيا أن تجعل الإنسان قويًا أو عاجزًا، ويذكّرنا القرآن بأن النجاح الحقيقي في الإيمان والعدل والمسؤولية، وفي عصر المايكروتشيبس والذكاء الاصطناعي الكمي، إذا تجاهلنا الأخلاق والروحانية، قد تتحول هذه القوة إلى نقمة. أما إذا وظفناها للعدل والمعرفة والمحبة، فربما نفتتح عصرًا ذهبيًا جديدًا للبشرية.

تم نسخ الرابط