يقول تعالى: «ولا يغتب بعضكم بعضا».. ما هي الغيبة، ومتى تكون جائزة؟

ما هي الغيبة، ومتى تكون جائزة؟، سؤال أجاب عنه الدكتور عطية لاشين الأستاذ بجامعة الأزهر، حيث يقول تعالى في القرآن الكريم: (ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه).
ما هي الغيبة؟
وقال لاشين، روت كتب السنة أن النبي صلى الله عليه وسلّم عرف الغيبة فقال: (ذكر أحدكم أخاه بما يكره)، مشيرًا إلى أن الإنسان مأمور بأن يستعمل لسانه فيما يقربه من مولاه منفذا في ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أرشد فيه الصحابي فقال :(وأن لا يزال لسانك رطبا بذكر الله عز وجل ).
وتابع: فإذا كان المؤمن كذلك اطمأن قلبه بذكر مولاه، وهدا باله ،وأصلح الله حاله قال تعالى :(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
وعرف المولى سبحانه أصحاب العقول المهدية الراشدة فقال :(الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض). وذكر الله الذي يذكره المؤمن بها صيغه متعددة متنوعة من رامها ،وأراد معرفتها فليراجع نصوص القرآن والسنة .
وفي المقابل المؤمن منهي في أن يستعمل نعمة اللسان التي هي أداة للإفصاح والتعبير والبيان عما يكون في حاجة إليه الإنسان منهي أن يستعمله فيما يعود عليه بغضب مولاه كأن يستعمله في الهمز واللمز والتفريق بين الأحبة عن طريق النميمة بينهم ،وكأن يغتاب بلسانه الآخرين أو يبهتهم أي يغتابهم بما ليس فيهم .
وبخصوص واقعة السؤال قال العالم الأزهري: الغيبة، وهي ذكر الشخص بما يكره في غيابه، تُعتبر في الأصل حرامًا ومأثمًا في الإسلام. ومع ذلك، هناك حالات استثنائية يجوز فيها ذكر عيوب الآخرين في غيابهم، وذلك لأسباب شرعية تبرر ذلك.
متى تكون الغيبة جائزة؟
الحالات التي تجوز فيها الغيبة:
1. التحذير من الشر: إذا كان هناك شخص يشتهر بالشر أو الفساد، ويشكل خطرًا على الآخرين، فيجوز التحذير منه بذكر صفاته التي تجعله خطيرًا، بشرط أن يكون الهدف هو حماية الناس من شره وليس مجرد الإساءة إليه.
2. الاستفتاء: إذا كان الشخص بحاجة إلى فتوى شرعية حول قضية معينة، ويحتاج إلى ذكر تفاصيل عن شخص آخر ليحصل على الفتوى، فيجوز له ذلك.
3. التعريف بالشخص: إذا كان الشخص معروفًا بلقب معين أو صفة معينة، وجب تعريفه بها لتمييزه عن غيره، حتى لو كانت هذه الصفة مكروهة.
4. الظلم وطلب المساعدة: إذا كان الشخص مظلومًا ويريد أن يرفع مظلمته إلى جهة مختصة، أو يطلب المساعدة من شخص يستطيع أن يزيل عنه الظلم، فيجوز له ذكر ما فعله الظالم به، مع عدم المبالغة في ذلك.
5. الجرح والتعديل: في علم الحديث، يجوز ذكر عيوب الرواة الذين يروون الأحاديث، وذلك لبيان مدى صدقهم وأمانتهم في نقل الحديث، ولا يعتبر ذلك غيبة.
6. التشهير بالفسق: إذا كان الشخص يجهر بفسقه ومعصيته، ولا يبالي بفعل المنكر، فيجوز ذكره بما يفعله من فسق، ولا يعتبر ذلك غيبة، بل تحذير للناس من شره.
ونبه على أن النية: يجب أن تكون نية الشخص في ذكر عيوب الآخرين في هذه الحالات هي تحقيق مصلحة شرعية، وليس مجرد الإساءة أو التنقص.
بينما الاعتدال: يجب أن يكون ذكر العيوب في حدود ما يحقق المصلحة الشرعية، وأن لا يبالغ الشخص في ذلك.
فيما الاستغفار: بعد ذكر عيوب الآخرين في الحالات المذكورة، يجب على الشخص أن يستغفر الله تعالى ويتوب إليه، وأن يدعو لمن اغتابه بالمغفرة.