عصام شيحة: انتخابات مجلس الشيوخ انتصار للدولة رغم التربص والإرهاب |فيديو

قال عصام شيحة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الدولة المصرية نجحت في تنظيم انتخابات مجلس الشيوخ في موعدها، على الرغم من التربص من قبل بعض الجماعات الإرهابية وجهات خارجية، أن نجاح الدولة في إجراء هذا الاستحقاق الدستوري يمثل انتصارًا لإرادة المصريين وثقة في مؤسساتها.
وأوضح عصام شيحة، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "برلمان المواطن" على قناة المحور، أن هناك من كان يروّج لاستحالة تنظيم الانتخابات في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية، إلا أن الدولة تمكنت من إثبات العكس، وأكدت قدرتها على إدارة العملية الديمقراطية بكفاءة.
السيدات والشباب في المقدمة
وأشار عصام شيحة إلى أن اليوم الانتخابي شهد مشاركة لافتة من المواطنين، خاصة النساء وكبار السن، مضيفًا أن العديد من المحافظات شهدت توافدًا كثيفًا منذ الساعات الأولى، رغم حرارة الطقس، معربًا عن اندهاشه من سرعة الإقبال، مستشهدًا بلجنة في الأقصر سجّلت 530 صوتًا خلال أول 20 دقيقة من فتح أبواب التصويت.
وأكد عصام شيحة أن هذا التفاعل يعكس وعي المواطن المصري بأهمية المرحلة، وأنه رغم المشاق، شارك بكثافة تعبيرًا عن تمسكه بدوره الوطني، خاصة في ظل محاولات التشويش الخارجي على الاستحقاق الانتخابي.
الأحزاب تثبت فاعليتها
لفت عصام شيحة إلى أن أكثر من 12 حزبًا شاركوا في القوائم الانتخابية، بينما بلغ عدد الأحزاب التي تقدمت للانتخابات 33 حزبًا، مبينًا أن هذه المشاركة الحزبية تعكس رسائل قوية مفادها أن الحياة السياسية في مصر بدأت تسترد حيويتها، وأن الأحزاب باتت قادرة على الحشد والمنافسة والمشاركة الفعالة.
وأشار عصام شيحة إلى أن الشباب المصري الذي يمثل 60% من السكان كان حريصًا على المشاركة، بل أسهم بشكل كبير في تعبئة المواطنين ودعم القوائم، معتبرًا أن هذه المشاركة تعكس بداية نضوج سياسي للأجيال الجديدة.
مشاركة ذوي الهمم
تطرق عصام شيحة إلى الدور المهم الذي لعبه ذوو الإعاقة في الانتخابات، مشيرًا إلى أن عددهم يتجاوز 10 ملايين مواطن، منوهًا إلى أن الدولة وفرت لهم التسهيلات والدعم اللازمين لتيسير مشاركتهم في العملية الانتخابية، ما أسهم في تعزيز الشعور بالمواطنة والانتماء لديهم.
كما نوّه عصام شيحة إلى أهمية ما تحقق من إنجازات على صعيد العدالة الاجتماعية، خاصة نقل المواطنين من العشوائيات إلى مساكن آدمية، مشيرًا إلى أن هؤلاء الناخبين شعروا بامتنانهم للدولة وقرروا رد الجميل بالمشاركة السياسية الفاعلة.
ثقافة انتخابية متطورة
قال عصام شيحة إن المصريين أصبحوا أكثر وعيًا بثقافة الاستحقاقات الديمقراطية بعد أكثر من 10 تجارب انتخابية منذ عام 2014، مؤكدًا أن الثقة في صناديق الاقتراع أصبحت راسخة، خاصة بعد التطوير في آليات التصويت مثل استخدام الرقم القومي، والتصويت في لجان قريبة من محل السكن أو العمل.
وأوضح عصام شيحة أن الجهات المنظمة للانتخابات أحرزت تقدمًا ملموسًا، حيث تم تسهيل إجراءات تغيير اللجنة الانتخابية إلكترونيًا، وهو ما شجّع فئات واسعة على المشاركة دون معاناة في الوصول إلى اللجان.
تجربة حزبية ناضجة
وحول الانتقادات الموجهة لفكرة القائمة الموحدة، أكد عصام شيحة أن هذا الشكل الانتخابي جمع أحزابًا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، مما أتاح فرصة لتمثيل الفئات المهمشة والضعيفة، كما مهد لحوار سياسي أكثر تماسكًا بين القوى المختلفة.
وأضاف عصام شيحة أن تجربة التحالفات الانتخابية قد تتطور مستقبلاً إلى ائتلافات سياسية، وربما اندماجات بين الأحزاب لتكوين كيانات أكبر وأقوى تمثل القوى الفاعلة في الشارع، مما يعزز من فكرة التداول السلمي للسلطة ويقدم بدائل حقيقية للمواطنين.
المحليات أولوية تشريعية
شدّد عصام شيحة على ضرورة سن قانون للإدارة المحلية، مشيرًا إلى أن مصر لم تشهد انتخابات محلية منذ عام 2008، رغم أن المجالس المحلية تمثل خط الدفاع الأول عن الخدمات اليومية للمواطنين، مؤكدًا أن هناك أكثر من 60 ألف عضو يجب انتخابهم في مختلف قرى ومدن الجمهورية، وهم القادرون على مراقبة الأداء المحلي وتحقيق مصالح المواطنين في التعليم، الصحة، والإسكان.
وأوضح عصام شيحة أن المجالس المحلية هي المدارس الحقيقية لإعداد القيادات السياسية، مشيرًا إلى أن عددًا من أبرز السياسيين المصريين بدأوا مشوارهم في العمل العام من المحليات.
قوانين عاجلة مطلوبة
طالب عصام شيحة بسرعة إصدار قانون مفوضية عدم التمييز، المنصوص عليه في المادة 53 من الدستور، بهدف تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، سواء بين الجنسين أو بين المسلمين والمسيحيين، مضيفًا أن تعزيز مفهوم المواطنة يتطلب تشريعات رادعة لأي تمييز على أي أساس.
كما طالب عصام شيحة بإصدار قانون حرية تداول المعلومات، وتعديل قانون الأحزاب السياسية، بما يضمن تقليص عدد الأحزاب المكررة عديمة التأثير، لصالح تكوين كتل حزبية حقيقية فاعلة في البرلمان.
المجتمع المدني شريك أساسي
أشاد عصام شيحة بالقانون رقم 149 لسنة 2019 الخاص بالجمعيات الأهلية، مؤكّدًا أهمية تمكين منظمات المجتمع المدني باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من منظومة التنمية وحقوق الإنسان، مضيفًا أن على الدولة دعم الجمعيات الناشطة في الريف والصعيد، حتى وإن كانت تقدم خدمات بسيطة مثل دفن الموتى أو دعم الأسر الفقيرة.
وأوضح عصام شيحة أن قوة المجتمعات المتقدمة ترتكز على مجتمع مدني قوي، لذلك لا بد من دعم هذا القطاع وتسهيل عمله، مع التأكيد على الشفافية والمساءلة.
تعزيز التعليم ومكافحة الغش
شدد عصام شيحة على أن التعليم يمثل التحدي الأكبر لمصر، مشيرًا إلى أن بعض خريجي الجامعات يعانون من ضعف لغوي ومهاري، مما يعكس أزمة حقيقية في مخرجات التعليم، منتقدًا انتشار الغش الجماعي، مطالبًا بدعم المعلمين الذين يواجهون هذه الظاهرة بدلاً من التنمر عليهم.
وأكد عصام شيحة أن بناء أجيال واعية تبدأ من التعليم الجيد والتدريب الفعّال قبل الحديث عن تمكين الشباب، معتبرًا أن تمكين غير المؤهلين يخلق فجوة وضغائن داخل المجتمع.
إشراك الشباب والسياسة
طالب عصام شيحة بضرورة ربط الشباب بالمجتمع السياسي من خلال تنشيط العمل الطلابي في الجامعات وتفعيل اللوائح التي تسمح بالمشاركة في الحياة العامة، بعيدًا عن الحزبية الضيقة، داعيًا إلى تقديم قدوة سياسية شبابية عبر تمثيلهم في البرلمان، والمجالس القومية، ومؤسسات المجتمع المدني.
كما أشار عصام شيحة إلى أهمية زيادة وعي المواطنين بطبيعة اختصاصات مجلس الشيوخ، خاصة بعد التعديلات الدستورية التي منحته صلاحيات مؤثرة في مناقشة الاستراتيجيات العامة، والاتفاقيات الدولية، والسياسات الحكومية.

وعي سياسي وطني
اختتم عصام شيحة تصريحاته بالتأكيد على أن وعي المصريين وحرصهم على دولتهم هو الحصن الأول في مواجهة التحديات، مشيرًا إلى أن المشاركة الواسعة في الانتخابات جاءت كرد فعل وطني تجاه محاولات التحريض الخارجية.
وذكر عصام شيحة أن الدولة المصرية قدّمت نموذجًا في الحكمة والقدرة على حماية أبنائها، وأن ما تحقق من حوار بين الأحزاب هو خطوة نحو بناء حياة سياسية أكثر نضجًا، داعيًا إلى مواصلة الجهد من أجل ترسيخ أسس الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.