روسيا تعزز سيطرتها على الإنترنت وتتجه نحو شبكة خاضعة للدولة

أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" بأن روسيا تكثف من جهودها الرامية إلى فرض رقابة صارمة على الإنترنت، في خطوات تُقربها من إقامة شبكة رقمية محلية تُدار بالكامل تحت إشراف الدولة، في ظل أنباء عن قرب حظر تطبيقات جديدة، من بينها تطبيق لم يتم ذكر اسمه يتمتع بشعبية كبيرة بين الروس.
وفي سياق متصل، تعمل السلطات الروسية على تضييق الخناق على الوسائل التي يستخدمها المواطنون للوصول إلى المحتوى والتطبيقات المحظورة من الخارج، مستعينة بقوانين جديدة وقعها الرئيس فلاديمير بوتين مؤخرًا، كما تواجه شركات التكنولوجيا الأمريكية مثل "يوتيوب" عراقيل متزايدة في روسيا.
وفي إطار استراتيجيتها الجديدة، يعمل الكرملين على تطوير منظومة رقمية داخلية تُقدم بدائل محلية خاضعة للرقابة لمنتجات التكنولوجيا الغربية، حيث تشمل هذه المنظومة تطبيق مراسلة جديد معتمد من الحكومة يُدعى "MAX" سيتعين تثبيته بشكل إجباري على جميع الهواتف الذكية الجديدة المباعة في السوق الروسية اعتبارًا من الشهر القادم.
ما الهدف من سيطرة روسيا على شبكات الإنترنت
ويرى الخبراء أن الهدف من هذه التحركات هو دفع المستخدمين الروس تدريجيًا للهجرة من الإنترنت العالمي المفتوح، الذي تهيمن عليه شركات تكنولوجيا أجنبية، إلى فضاء إلكتروني مغلق تتحكم فيه الدولة، وقد أحرزت هذه الجهود بالفعل تقدمًا ملحوظًا على أرض الواقع.
وعلى عكس الصين، التي فرضت قيودًا منذ بدايات الإنترنت، كانت روسيا تفتخر سابقًا ببيئة إنترنت أكثر حرية وانفتاحًا، وقد شهدت المنصات الغربية إقبالًا كبيرًا من الروس، الذين استخدموها لنشر الأخبار المعارضة والتعبير عن آرائهم دون قيود تذكر.
الإنترنت السيادي في روسيا
إلا أن فكرة "الإنترنت السيادي" ظهرت في روسيا منذ السنوات الأولى لحكم بوتين، وكانت تهدف إلى تقليل الاعتماد على البنية الرقمية العالمية وانتزاع السيطرة من الشركات الأجنبية التي كثيرًا ما اصطدمت مع مطالب الحكومة الروسية.
وسرّعت الحرب في أوكرانيا عام 2022 من تنفيذ هذه الرؤية، حيث توسعت الدولة في السيطرة على المنصات المحلية، مثل VK، أكبر شبكة تواصل اجتماعي روسية، واستغلتها لتعزيز بدائل محلية للمنتجات الغربية.
وقد شملت الإجراءات حظرًا كاملًا لمنصات مثل فيسبوك، إنستجرام، وتويتر، فضلاً عن تقييد كبير لتطبيق تيك توك، إلى جانب إصدار قوانين تقيد حرية التعبير على الإنترنت وفي الحياة العامة.
مع اقتراب إطلاق تطبيق MAX، ألمحت السلطات إلى أنها قد تستهدف تطبيقات أجنبية شهيرة، لا سيما واتساب، المملوك لشركة "ميتا"، والذي يُستخدم شهريًا من قبل قرابة 100 مليون شخص في روسيا، وقد يكون تيليجرام أيضًا في دائرة الاستهداف.
مغادرة واتساب روسيا
وقال أنطون جوريلكين، نائب رئيس لجنة تكنولوجيا المعلومات في مجلس الدوما، في تصريحات سابقة، إن واتساب يجب أن يتهيأ لمغادرة السوق الروسية، مؤكدًا أن الروس سيعتمدون على تطبيق MAX كبديل.
وخلال منتدى اقتصادي عُقد في يونيو ، وصف جوريلكين تطبيق تيليجرام بأنه "مصدر قلق للدولة"، لكنه أكد أن الحظر لا يشمله في الوقت الحالي.
من جانبه، أعرب ميخائيل كليماريف، رئيس جمعية حماية الإنترنت الروسية التي تعمل في المنفى، عن مخاوفه من أن تمتد عمليات الحظر إلى تطبيقات المراسلة الأخرى.
وقال إن تيليجرام لا يزال يلعب دورًا مهمًا في إيصال المحتوى من الصحفيين والفنانين والنشطاء المنفيين، كما أن الكرملين يستخدمه هو نفسه لنشر رسائله، ما يمنحه هامشًا من الاستمرار.
ورغم المحاولات السابقة التي قامت بها موسكو لترويج تطبيقات محلية بديلة وفشلت، أبدى كليماريف شكوكه في أن يثق الروس بتطبيقات تُراقبها الحكومة مباشرة، متوقعًا أن يُحجم الناس عن استخدامها للتواصل بحرية.
وأضاف كليماريف أن حجب واتساب وتيليجرام لن يكون نهاية الطريق، حيث لا يزال بالإمكان الوصول إليهما باستخدام خدمات VPN، التي تُعيد توجيه حركة الإنترنت لتجاوز الحظر.
ويواصل العديد من الروس استخدام منصات مثل يوتيوب وفيسبوك وإنستجرام من خلال هذه الوسائل، رغم أن الحجب الرسمي قلل من حجم استخدامهم لها بشكل كبير داخل روسيا.