"شبكة العنكبوت" تشلّ العمق الروسي: أوكرانيا تغيّر قواعد الحرب وموسكو تتحصن

لا تزال عملية "شبكة العنكبوت"، التي نفذتها أوكرانيا بجرأة في عمق الأراضي الروسية، تتردد أصداؤها داخل دوائر صنع القرار في موسكو. تلك العملية التي دمرت عشرات الطائرات القاذفة بعيدة المدى، دفعت الكرملين إلى إعادة حساباته الدفاعية والتحصن ضد ما يبدو أنه تهديد متزايد من سلاح المسيرات.
ردًا على نجاح المسيرات الأوكرانية، أطلق الجيش الروسي برنامجًا طارئًا لتحصين قواعده الجوية القريبة من أوكرانيا. ومن أبرز هذه القواعد ميلروفو، كورسك فوستوتشني، وهفارديسك، التي بدأت تشهد إنشاء ملاجئ محصنة للطائرات مزودة بأسطح قبابية وأبواب سميكة مقاومة للانفجارات، مع تغطية ترابية لامتصاص تأثير الضربات.
ووفقًا لتقارير استخباراتية غربية، فإن هذه التحصينات تهدف إلى تقليل الخسائر الكبيرة التي لحقت بالسلاح الجوي الروسي نتيجة هجمات الطائرات المُسيّرة أحادية الاتجاه.
سلاح رخيص.. لكنه قاتل ودقيق
رغم التحصينات الروسية، فإن التهديد الجوي لا يزال قائمًا، إذ أثبتت المسيرات الأوكرانية أنها لا تعتمد فقط على قوة التفجير بل على الدقة والمرونة. وتُظهر مقاطع مصورة قيام مشغّلي الطائرات المُسيّرة الأوكرانيين باستهداف دبابات وناقلات جند ومواقع القيادة بدقة مذهلة، مخترقة الملاجئ والخنادق ومحدثة دمارًا مؤثرًا في ساحة المعركة.
في هذا السياق، يتزايد الدعم الغربي لأوكرانيا في مجال المسيرات بوتيرة غير مسبوقة. فبحسب موقع "ناشيونال إنترست"، ستقوم بريطانيا وحدها بتزويد كييف بـ100 ألف طائرة مسيرة خلال عام 2025، بعد أن سلّمت بالفعل 50 ألف وحدة خلال الأشهر الستة الماضية فقط.
كما يواصل تحالف الطائرات المسيرة بقيادة المملكة المتحدة ولاتفيا دعم أوكرانيا بنحو 20 ألف طائرة إضافية، ضمن جهود تنسيق مباشرة مع الصناعات الدفاعية الأوكرانية لتسريع الإنتاج والتسليم على خطوط القتال.
"التكنولوجيا" رسالة الحرب الجديدة
تكشف "عملية شبكة العنكبوت" عن تحوّل استراتيجي في طبيعة الحرب الحديثة، حيث باتت المسيرات الصغيرة ذات التكلفة المنخفضة تلعب دورًا حاسمًا في إحداث اختراقات كبرى في العمق المعادي. وفيما تعمل موسكو على تدعيم مواقعها، تُثبت كييف أن قدرتها على المناورة والابتكار التكنولوجي قد تخلق معادلة ردع جديدة تُربك واحدة من أضخم الجيوش التقليدية في العالم.