مديحة كامل.. أيقونة الإغراء والدراما التي اختارت الاعتزال في عز النجومية

في مثل هذا اليوم، 3 أغسطس من عام 1946، وُلدت الفنانة الراحلة مديحة كامل بمدينة الإسكندرية، لتبدأ لاحقًا رحلة فنية لامعة طبعت اسمها في سجل نجمات السينما المصرية، وامتدت حتى لحظة قرارها المفاجئ باعتزال الأضواء والتفرغ للعبادة.
من عارضة أزياء إلى نجمة سينما
بدأت مديحة كامل مشوارها في عالم الفن كعارضة أزياء، تجربة لم تستمر طويلًا، لتتجه بعدها إلى التمثيل، الذي عشقته منذ أن كانت طالبة في المدرسة. حصلت على كأس الجمهورية كأفضل ممثلة عن دورها في مسرحية "رابعة العدوية" خلال المرحلة الإعدادية، وهو ما كشف مبكرًا عن موهبتها اللافتة.
بعد انتقالها من الإسكندرية إلى القاهرة، التحقت بكلية الآداب في جامعة عين شمس، وبدأت أولى خطواتها في عالم الفن عام 1964 بأدوار صغيرة في السينما والمسرح، إلى أن جاءتها الفرصة الحقيقية ببطولة فيلم "30 يوم في السجن" أمام فريد شوقي، والذي شكّل انطلاقة قوية لها.
أميرة الإغراء.. وصاحبة الأدوار الجريئة
برعت مديحة كامل في أدوار الإغراء في فترة كانت المنافسة فيها محتدمة مع نجمات هذا اللون من الأداء، لكنها استطاعت أن تتميز وتفرض وجودها، حتى لُقبت بـ"أميرة السينما". وشاركت في أكثر من 75 فيلمًا، بينها خمسة أفلام أُدرجت ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، مثل:
"الاختيار"، "السكرية"، "أغنية على الممر"، "أبناء الصمت"، و"الصعود إلى الهاوية".
وقدمت خلال مسيرتها أعمالاً خالدة، منها "بريق عينيك"، "فتاة شاذة"، "الحب والفلوس"، "المعركة الملعونة"، و"العفاريت" الذي جمعها بالنجم عمرو دياب.
"الصعود إلى الهاوية".. محطة فارقة في حياتها
كان فيلم "الصعود إلى الهاوية" هو الأهم في مشوارها، حيث جسدت فيه دور الجاسوسة "هبة سليم"، وهي قصة مستوحاة من ملفات المخابرات العامة المصرية خلال فترة الصراع مع إسرائيل. الدور رفضته العديد من الفنانات بسبب جرأته وخصوصية الشخصية، إلا أن مديحة قبلت التحدي وقدمت أداءً حظي بإشادة كبيرة.
درب الهوى.. وفيلم منعته الرقابة
من بين أفلامها المثيرة للجدل، فيلم "درب الهوى" الذي أخرجه حسام الدين مصطفى، وتعرض للمنع من العرض بقرار من الرقابة بدعوى "الإساءة إلى سمعة مصر". كما قدّمت فيلم "ملف في الآداب" مع المخرج عاطف الطيب، والذي تناول موضوعات شائكة بأسلوب جريء.
حضور تلفزيوني ومسرحي لافت
لم تقتصر موهبة مديحة على السينما، بل برزت أيضًا على شاشة التلفزيون، ومن أبرز أعمالها مسلسل "البشاير" مع محمود عبد العزيز، إلى جانب الفيلم التلفزيوني "الأفعى" الذي نالت عنه جائزة أفضل ممثلة. كما شاركت في أعمال درامية مثل "ينابيع النهر" و"أيوب البحر".
وفي المسرح، شاركت عام 1969 في مسرحية "هاللو شلبي" بدور هدى مدكور مع سعيد صالح، ثم ظهرت في مسرحية "الغشاش".
الاعتزال.. قرار صادم في ذروة النجاح
رغم شهرتها الواسعة ونجاحها الكبير، فاجأت مديحة كامل الوسط الفني وجمهورها بقرار اعتزال الفن نهائيًا عام 1992، أثناء تصوير فيلم "بوابة إبليس"، حيث قررت الانسحاب من العمل ولم تكمله بنفسها، وتم الاستعانة بدوبليرة لإنهاء المشاهد المتبقية.
وأعلنت أنها شاهدت "رؤيا" في المنام دفعتها لاتخاذ القرار، فارتدت الحجاب وابتعدت تمامًا عن الأضواء، متفرغة للعبادة، وافتتحت مصنعًا صغيرًا للتريكو بالإسكندرية، رافضة كل العروض الفنية التي تلقتها لاحقًا.
الرحيل المفاجئ
رحلت مديحة كامل عن عالمنا يوم 13 يناير عام 1997، عن عمر ناهز 47 عامًا، بعد صراع مع المرض. وبرغم رحيلها المبكر، ظلّت أعمالها حاضرة في ذاكرة الجمهور، لتبقى مديحة كامل واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية، التي جمعت في أدائها بين الجاذبية، القوة، والإنسانية.
