ما حكم الدعاء بعد الإقامة وقبل الدخول في الصلاة.. وهل يعد من البدعة؟

أوضحت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا الدعاء بعد الإقامة وقبل الدخول في الصلاة، ولا حرج في ذلك، بل هو دعاء مستحب مأخوذ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أقوال الفقهاء المعتبرين. أما إنكار هذا الفعل واعتباره بدعة، فهو قول لا أصل له، ولا يُعتدّ به
أولًا: مفهوم البدعة وأقسامها
تعريف البدعة:
البدعة في الشرع هي: ما أُحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه.
أما ما له أصل شرعي، فليس بدعة مذمومة وإن سُمِّي “بدعة” من حيث اللغة.
التمييز بين البدعة اللغوية والشرعية:
• لغويًا: كل ما أُحدث ولم يكن موجودًا من قبل.
• شرعيًا: يُذم ما خالف السنة أو أدى إلى ضلالة.
أقسام البدعة عند العلماء:
1. بدعة حسنة (محمودة/هدى): ما يوافق أصول الشريعة ويحقق مقاصدها.
• مثل تدوين العلم، وإنشاء المدارس، واختراع الوسائل الدعوية النافعة.
• مستندها حديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة…».
2. بدعة سيئة (مذمومة/ضلالة): ما يُحدث على خلاف ما جاء به الشرع من غير أصل معتبر.
• مستندها حديث: «وكل بدعة ضلالة»، وحديث العرباض بن سارية.
تفصيل الإمام العز بن عبد السلام:
قسّم البدعة إلى خمسة أقسام:
• واجبة: كنصب الأدلة للرد على المبتدعين.
• محرمة: كالإحداث في العقيدة بما يخالف الكتاب والسنة.
• مندوبة: كإحداث الربط والمدارس.
• مكروهة: كزخرفة المساجد.
• مباحة: كتوسيع الأكل واللباس.
ثانيًا: حكم الدعاء بعد الإقامة
1. أصل الدعاء بعد الأذان من السنة:
ورد في صحيح مسلم:
«من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة…»
وقد ثبتت مشروعية الصلاة على النبي وسؤال الوسيلة بعد الأذان مطلقًا.
2. الإقامة تدخل ضمن الأذان لغةً وشرعًا:
• الإقامة إعلام بالشروع في الصلاة، فهي نوع من الأذان.
• بدليل الحديث: «بين كل أذانين صلاة»، والمقصود الأذان والإقامة.
3. حديث صريح في الدعاء عند الإقامة:
روى أبو داود أن النبي ﷺ قال لما سمع بلالًا يقول: “قد قامت الصلاة”:
«أقامها الله وأدامها»
• وهو دليل على مشروعية الدعاء عند الإقامة.
• يُقال في جواب الإقامة كما يقال في الأذان، مع خصوصية في لفظ “قد قامت الصلاة”.
4. الدعاء بين الأذان والإقامة مستحب:
ثبت أن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرد، مما يشمل الأذان والإقامة معًا.
ثالثًا: الرد على من يبدّع الدعاء بعد الإقامة
1. التقييد بعدم الدعاء بعد الإقامة بدعة في ذاته:
• لأن النبي ﷺ أطلق الدعاء بعد الأذان، ولم ينهَ عن الدعاء بعد الإقامة.
• ومن قيد المطلق من السنة بلا دليل، فقد ابتدع.
2. الإنكار على هذا الدعاء لا أصل له:
• لا يجوز التشدد في هذه المواضع التي نص الفقهاء على استحبابها.
• وقد سمى العلماء مثل هذا التشدد تنطعًا وغلوًا في الدين.
3. الأئمة من المذاهب الأربعة نصوا على استحبابه:
الحنفية:
• ابن نجيم: لا بأس بأن يشتغل بالدعاء عندهما (أي الأذان والإقامة).
• ابن عابدين: يقول عند “قد قامت الصلاة”: أقامها الله وأدامها.
الشافعية:
• النووي، الماوردي، الشيرازي: يستحب قوله: “أقامها الله وأدامها”.
• ابن حجر الهيتمي: ويقول: وجعلني من صالحي أهلها.
المالكية:
• الحطاب: يستحب الدعاء عند الأذان وعند الإقامة