عاجل

مع السفر للمصيف.. عالم أزهري: ماء البحر طهور يجوز الوضوء والغسل به| خاص

ماء البحر
ماء البحر

مع دخول فصل الصيف وتوافد الناس إلى الشواطئ والمصايف، يتساءل البعض: هل يجوز الوضوء من ماء البحر؟ وهل هو طاهر أم يحتاج إلى تحلية؟


وفي هذا السياق، أكد فضيلة الشيخ عبده الأزهري، من علماء الأزهر الشريف، أن ماء البحر طَهورٌ يجوز الوضوء والغُسل به، وهو طاهر في نفسه مُطهّر لغيره، مشيرًا إلى أن هذه المسألة قد حُسمت في السنة النبوية والإجماع الفقهي.

وقال الشيخ عبده، في تصريح خاص لـ”نيوز رووم”، إن النبي ﷺ أجاب، عندما قال له رجل:“يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟”
فأجابه ﷺ بقوله:
“هو الطَّهورُ ماؤُه، الحلُّ ميتتُه”
[رواه أبو داود والترمذي]،
وهو حديث صريح يدل على أن ماء البحر طاهر ومناسب لجميع أنواع الطهارة، سواء كانت وضوءًا أو غسلًا.

وأضاف الأزهري: “هذا الحديث الشريف يُزيل كل لبس أو شك، ويُؤكد أن البحر مصدرٌ من مصادر الطهارة، وليس مجرد وسيلة للسباحة أو الترفيه.”

كما أشار إلى إجماع العلماء في هذه المسألة، مستشهدًا بكلام الإمام النووي رحمه الله، حيث قال:
“أجمع العلماء على أن ماء البحر طاهر مطهر يجوز التوضؤ به، ولم يخالف في ذلك إلا من لا يُعتد بخلافه”.

ولفت الشيخ عبده إلى قاعدة عامة في الفقه الإسلامي تقول:
“كل ما نزل من السماء أو نبع من الأرض فهو طَهور، ما لم يتغير طعمه أو لونه أو رائحته بشيء يُخرجه عن طهوريته”.
وقد أشار القرآن إلى ذلك بقوله تعالى:
{ويُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ} [الأنفال: 11].

فرائض الوضوء

اتفق الفقهاء على أن أركان الوضوء التي لا يصح إلا بها تشمل غسل الوجه واليدين والرجلين، ومسح الرأس، وذلك امتثالًا للآية الكريمة والأحاديث الصحيحة التي تبين صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن الأحاديث الدالة على ذلك ما رواه حمران عن عثمان رضي الله عنه: أنه توضأ فأكمل غَسْل أعضائه على الترتيب المعروف، ثم قال: “رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: «من توضأ مثل وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه بشيء، غُفِر له ما تقدم من ذنبه»” (متفق عليه).

غسل اليدين إلى المِرفقَين من فرائض الوضوء

ومن بين الفروض التي اتفق عليها العلماء: وجوب غسل اليدين إلى المرفقين، ولا يُجزئ المسح عنهما. وهذا مستند إلى ظاهر الآية الكريمة، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ لم يُنقل عنه قط أنه اكتفى بالمسح على اليدين في أي حال من الأحوال، رغم ورود العذر في بعض المواقف، مثل البرد أو ضيق الثوب، كما رُخِّص في المسح على الخفين دون سواهما.

قال العلامة ابن عابدين في “رد المحتار” (1/ 98): “انعقد الإجماع على وجوب غسل اليدين والرجلين، وعلى أن المرفقين والكعبين داخلان في الغَسل، لا في المسح”.
وذكر المواق في “التاج والإكليل” (1/ 276): “غسل اليدين إلى المرفقين من فرائض الوضوء”.
وأكد الإمام النووي في “منهاج الطالبين” (3/ 107) أن العلماء مجمعون على وجوب غسل الوجه واليدين والرجلين واستيعابها بالغسل.
ونقل ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (1/ 90) إجماع العلماء على وجوب غسل اليدين إلى المرفقين، وبيّن أن المرفقين داخلان في الغَسل، لا خلاف في ذلك.

حُكم المسح على الأكمام أثناء الوضوء

وبناءً على ما سبق، فإن المسح على الأكمام لا يُجزئ بدلًا من غسل اليدين، لأنه مخالف لنصوص الشرع وأركان الوضوء.
وقد ورد في “الصحيحين” عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين أراد الوضوء وكان كُمُّ جُبَّته ضيّقًا، لم يَمسح على كُمَّيه، بل كشف ذراعيه وأخرج يديه من تحت الجبة، وغسلهما.
والدلالة من الحديث أن المسح إنما شُرع فيما يُلبس على الرأس (كالعمامة) أو القدمين (كالخفين)، أما الأكمام، فلا رخصة فيها.

كما أن القياس على المسح على الخفين غير جائز، لأن هذا المسح رخصة مخصوصة، والرخص لا يُقاس عليها؛ لأنها استثناء من القاعدة العامة، والقياس عليها يُفضي إلى مخالفة الأصل، وهو أمر غير مقبول شرعًا.
راجع: “شرح تنقيح الفصول” للإمام القرافي (ص: 416).

التيمم بدلًا من غسل اليدين عند العذر

وإذا تعذّر استعمال الماء لغسل اليدين، سواء لشدة البرد، أو لمرض، أو لخوف الضرر، أو لأي عذر معتبر، ولم يكن لديه وسيلة لتسخين الماء أو تجاوز الضرر، فله أن يلجأ إلى التيمم بدلًا من الوضوء.
أما إذا كان قادرًا على غسل بعض الأعضاء دون بعض، فعليه أن يغسل ما يستطيع دون ضرر، ويتيمم عن باقي الأعضاء، ملتزمًا بالترتيب والموالاة بين الأعضاء، تطبيقًا للقاعدة الفقهية: “الميسور لا يسقط بالمعسور”

تم نسخ الرابط