مدفيديف يلوّح بسلاح القيامة.. ما هي "اليد الميتة" الروسية؟

ذكّر دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسلاح روسي استراتيجي يعرف باسم "اليد الميتة"، وذلك في رد مباشر وساخر منه على تحذيرات وجهها له ترامب شخصياً، ما أعاد إلى الواجهة الجدل حول هذا النظام العسكري بالغ السرية الذي يمثل أحد أبرز عناصر الردع النووي الروسي، ويشكّل مصدر رعب دائم لأعداء روسيا.
نظام اليد الميتة
ويُعرف نظام "اليد الميتة" أيضاً باسم "نظام المحيط"، وهو منظومة صُممت خلال الحرب الباردة في الاتحاد السوفيتي كوسيلة مضمونة لضمان تنفيذ ضربة نووية انتقامية شاملة في حال تعرضت البلاد لهجوم نووي مباغت يؤدي إلى تدمير القيادة المركزية أو فقدان الاتصال بها بشكل كامل، وقد جاء تطوير هذا النظام كاستجابة لخطر الضربة النووية الأولى من جانب العدو، بهدف ردع الخصوم عن التفكير في شن هجوم نووي استباقي على روسيا.
وفي هذا السياق، قال الخبير العسكري الروسي أليكسي ليونكوف إن هذا النظام الفريد من نوعه قد طُوّر ليعمل تلقائيًا دون الحاجة لتدخل بشري، وذلك في حال التأكد من تعرض البلاد لهجوم نووي شامل يتسبب في تدمير مراكز القيادة والسيطرة أو يعطل سبل الاتصال.
وأوضح أن آلية عمل النظام تقوم على إرسال إشارات خاصة ورموز مشفّرة تلتقطها منصات إطلاق الصواريخ المنتشرة في أنحاء روسيا، سواء كانت ثابتة أو متحركة، وتقوم هذه المنصات بدورها بإطلاق دفعات ضخمة من الصواريخ الباليستية نحو أهداف محددة مسبقًا وفق الإحداثيات المخزنة في النظام.
وأضاف ليونكوف أن نظام "اليد الميتة" يستند إلى عدة معايير لتحديد ما إذا كانت البلاد قد تعرضت لضربة نووية شاملة، مثل رصد موجات صادمة ناتجة عن الانفجارات النووية، أو تسجيل ومضات إشعاعية عالية، أو فقدان الاتصال بالقيادة السياسية والعسكرية في موسكو، وفي حال تحقق هذه المؤشرات، فإن النظام يُفعّل أوتوماتيكيًا ليأمر بإطلاق الصواريخ النووية، ما يضمن توجيه ضربة انتقامية حتى لو تم القضاء على القيادة الروسية بالكامل.
تطوير منظومة اليد الميتة
وأشار ليونكوف إلى أن تطوير هذا النظام استمر على مدى سنوات طويلة، وهو اليوم أكثر تطورًا وحداثة مقارنة بالنسخة الأصلية التي ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي، ويرى أن وجود مثل هذا النظام يعزز بشكل كبير من قدرة الردع الاستراتيجي الروسي، لأنه يجعل أي تفكير من قبل الغرب في تنفيذ هجوم نووي ضد روسيا محفوفًا بالمخاطر الفادحة، بسبب ضمان الرد الكاسح الذي سيلي أي ضربة.
ومن المعروف أن منظومة "اليد الميتة" تعتمد على صواريخ "توبول" الباليستية العابرة للقارات، وهي من أقوى الصواريخ في الترسانة النووية الروسية، ويمكن إطلاقها من مواقع محصنة تحت الأرض أو من منصات إطلاق متنقلة، ما يمنح النظام مرونة وقدرة عالية على البقاء في حالة الجاهزية حتى في أكثر الظروف تدميرًا.
ورغم المحاولات الغربية المستمرة على مدى عقود، لم تتمكن وكالات الاستخبارات الأمريكية والغربية من كشف تفاصيل تشغيل هذا النظام بالكامل، وظلت آليات عمله الدقيقة طي الكتمان، الأمر الذي يزيد من حالة الغموض حوله ويمنحه مزيدًا من الفاعلية كرادع نفسي واستراتيجي.
ويؤكد محللون أن "اليد الميتة" ليس مجرد سلاح في الترسانة الروسية، بل يمثل فلسفة ردع كاملة تقوم على فكرة أن أي هجوم نووي على روسيا، حتى لو كان مباغتًا ومدمرًا، لن يمر دون رد، وأن الانتقام سيكون مؤكّدًا ومروعًا، وهو ما يجعل هذا النظام أحد أبرز أدوات منع الحرب النووية في العالم اليوم.