دراسة: فيروس الالتهاب الكبدي C يهدد المواليد الجدد ويسجل آلاف الإصابات عالميًا

في تقرير علمي جديد يسلّط الضوء على أحد أبرز التحديات الصحية الصامتة، كشفت دراسة دولية موسّعة أن فيروس الالتهاب الكبدي C أصبح يشكل تهديدًا متناميًا لصحة الأطفال حديثي الولادة، مع تسجيل آلاف الإصابات بينهم سنويًا نتيجة انتقال العدوى من الأم المصابة إلى طفلها قبل أو أثناء الولادة.
طرق انتقال فيروس C
وبحسب الدراسة التي نشرتها دورية علمية متخصصة في الأمراض المعدية، فإن ما يُعرف بالعدوى العمودية أي انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين بات من أكثر طرق انتقال فيروس C شيوعًا في مرحلة الطفولة المبكرة، خاصة في الدول التي تعاني من ارتفاع معدلات الإصابة ونقص الفحوصات الدورية بين النساء الحوامل.
وأوضحت النتائج أن هناك قصورًا واضحًا في التعامل مع خطر انتقال الفيروس إلى الأطفال، بسبب غياب بروتوكولات فحص منهجية للحوامل، إضافة إلى عدم توفر العلاج الوقائي أو التوعوي اللازم في كثير من النظم الصحية، ما يؤدي إلى استمرار دورة انتقال العدوى بين الأجيال. كما تشير التقديرات إلى أن نسبة انتقال الفيروس من الأم المصابة إلى طفلها قد تصل إلى 6%، وهي نسبة ترتفع في حال كانت الأم مصابة بأمراض أخرى مثل فيروس نقص المناعة البشري HIV.
مراحل فيروس الالتهاب الكبدي C
وأشار الباحثون إلى أن فيروس الالتهاب الكبدي C، على الرغم من كونه مرضًا يمكن علاجه في مراحله المبكرة، إلا أن التشخيص المتأخر في الطفولة يؤدي غالبًا إلى ظهور المضاعفات في مراحل لاحقة من الحياة، مثل التهابات الكبد المزمنة، التليف الكبدي، وأحيانًا السرطان، وهو ما يزيد من العبء الاقتصادي والصحي على الأفراد والمجتمعات.
كما أكدت الدراسة أن معظم حالات الإصابة بين المواليد لا يتم اكتشافها إلا بعد سنوات، حين تظهر الأعراض بشكل تدريجي أو يتم اكتشاف الخلل خلال فحوصات روتينية لأسباب أخرى. وهو ما يستدعي، بحسب الباحثين، إعادة النظر في السياسات الصحية الخاصة برعاية الحوامل، وضرورة إدراج فحص فيروس C ضمن الحزمة الأساسية للرعاية السابقة للولادة.
وتوصي الدراسة بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة للحد من انتشار العدوى بين الفئات العمرية المبكرة، ومن أبرزها:
- إجراء فحوصات إلزامية للحوامل للكشف عن الفيروس في مراحل مبكرة من الحمل.
- توفير العلاجات الحديثة والآمنة للنساء المصابات، مع مراقبة دقيقة لتأثيرها خلال فترة الحمل.
- إطلاق حملات توعية موجهة للمجتمعات التي ترتفع فيها نسب الإصابة بالفيروس، خصوصًا في المناطق الفقيرة والمهمشة.
- تحسين جاهزية أنظمة الرعاية الصحية للتعامل مع الأطفال المصابين منذ الولادة وتوفير المتابعة الدورية لهم.
ويُذكر أن فيروس الالتهاب الكبدي C ينتقل بشكل رئيسي عبر الدم الملوث، وغالبًا ما يرتبط استخدام الأدوات الطبية غير المعقمة أو عمليات نقل الدم القديمة قبل إدخال تقنيات الفحص الحديثة بزيادة معدلات العدوى. ومع ذلك، فإن العدوى العمودية باتت اليوم من أهم مصادر الإصابة لدى الأطفال، مما يحتم توجيه الجهود الوقائية إلى هذه المرحلة الحساسة.
أهمية مكافحة فيروس C
وفي هذا السياق، شددت منظمة الصحة العالمية على أهمية إدراج مكافحة فيروس C ضمن الخطط الوطنية الشاملة للصحة العامة، وأكدت أن القضاء عليه كتهديد للصحة بحلول عام 2030 يتطلب استراتيجيات وقائية مستدامة، تشمل جميع الفئات العمرية، بما في ذلك المواليد الجدد.
من جهته، دعا عدد من خبراء الصحة الدوليين إلى زيادة الدعم المالي للبرامج الوقائية والتشخيصية، وتوفير التدريب اللازم للكادر الطبي في المستشفيات والمراكز الصحية، بهدف اكتشاف الحالات مبكرًا والتدخل العلاجي في الوقت المناسب.
ومع تنامي التحديات الصحية المرتبطة بالأمراض المعدية، وخاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها العديد من الدول النامية، يُصبح تعزيز نظم الرعاية الوقائية والتشخيص المبكر للأطفال حديثي الولادة مسألة حياة أو موت، تفرض على صناع القرار التحرك العاجل لوقف نزيف الإصابات الصامتة التي تُهدد مستقبل الأجيال الجديدة