الأزواج على السوشيال ميديا: حب معلن أم تمثيل مرهق؟

في زمن أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي نافذتنا اليومية على العالم، برزت ظاهرة جديدة بين الأزواج: نشر مستمر لتفاصيل العلاقة، صور الاحتفال بالمناسبات، الهدايا، اللحظات العاطفية، وحتى المشاحنات أحيانًا. ومع أن البعض يراها دلالة على الحب والاهتمام، يرى آخرون أنها تحوّلت إلى عرضٍ متكرر للخصوصية على مسرح عام، فيه من الادعاء أحيانًا أكثر مما فيه من الواقع.
فكم من منشور يظهر زوجين يبتسمان تحت عبارة "الحب لا يموت"، وفي خلف الكواليس، هناك مشاكل حقيقية أو برود عاطفي؟ الواقع أن الإفراط في نشر اللحظات الرومانسية قد لا يعكس دائمًا علاقة مستقرة، بل أحيانًا يكون محاولة لإقناع الآخرين – أو حتى النفس – بأن العلاقة "على ما يرام". وقد كشفت دراسات نفسية حديثة أن بعض الأزواج الذين يفرطون في مشاركة حياتهم الخاصة على السوشيال ميديا يعانون من قلق تأكيدي، أي حاجتهم المستمرة لتأكيد علاقتهم من خلال تعليقات الإعجاب.
التأثير النفسي والاجتماعي: وهم السعادة وضغط المقارنة
واحدة من أبرز سلبيات هذا السلوك هو أنه يخلق ضغطًا اجتماعيًا على الآخرين. فالأصدقاء أو المتابعون قد يقعون في فخ المقارنة، ويبدأون في الشك في جودة علاقاتهم الخاصة لأنهم لا يعيشون "قصة حب مثالية" كالتي يشاهدونها في الصور والفيديوهات. الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض الرضا عن الذات أو العلاقات، خصوصًا عند فئة الشباب أو المتزوجين حديثًا.
كما أن هذا النمط من النشر يُفقد العلاقة خصوصيتها، ويجعل الأزواج عُرضة للتدخلات والتعليقات غير المرغوب فيها. بل إن بعض المتابعين قد يبدأون في تحليل الصور والتعليق على لغة الجسد، أو غياب أحد الطرفين عن آخر صورة، مما يُنتج توترًا داخليًا داخل العلاقة نفسها.
من الناحية النفسية، الاعتياد على تلقي "إعجابات" قد يُسبب نوعًا من الإدمان العاطفي، بحيث تصبح لحظات الحب مرهونة بموافقة الجمهور، لا بمشاعر الشريكين الحقيقية. والأسوأ، حين تنتهي العلاقة، يجد البعض صعوبة في التراجع عن كل ما شاركوه، فيُجبرون على تبرير الانفصال، أو حذف الذكريات الرقمية، في وقت يكون فيه الجرح ما زال مفتوحًا.
الحب الحقيقي لا يحتاج إلى جمهور. فالعلاقات القوية تبنى في الخفاء، وتنمو في الخصوصية، ولا تحتاج إلى "فلتر" لإثبات صدقها. مشاركة اللحظات الجميلة ليست خطأ، لكن الإفراط فيها قد يُحول الحب إلى استعراض… والاستعراض إلى ضغط، والضغط إلى كسر صامت.