في ذكرى التأميم الـ69.. قناة السويس تواصل عبور التاريخ نحو المستقبل

في مثل هذا اليوم، السادس والعشرين من يوليو عام 1956، دوّى صوت الزعيم الراحل جمال عبد الناصر من قلب ميدان المنشية بالإسكندرية، معلنًا قرارًا غيّر وجه التاريخ:" تأميم شركة قناة السويس شركة مساهمة مصرية".
لم يكن مجرد قرار اقتصادي أو إجراء بيروقراطي، بل كان إعلان استقلال وسيادة، ورفضًا صريحًا لهيمنة القوى الاستعمارية على شريان الملاحة العالمي في أرض الكنانة.
قرار التحدي.. وبداية التحول
جاء القرار ليمثل لحظة فارقة في الصراع بين الشعوب المحتلة والإمبراطوريات الاستعمارية. لعقود، كانت قناة السويس ـ التي حفرتها أيادي المصريين ـ رهينة لشركات أجنبية تستحوذ على أرباحها، بينما بقي المصريون خارج معادلة الاستفادة.
ولأن الشعوب لا تنسى حقوقها، جاء التأميم بمثابة استرداد للكرامة، وبداية صفحة جديدة من السيادة الوطنية.
لكن لم يكن الطريق سهلاً، فقد تلاه العدوان الثلاثي (البريطاني – الفرنسي – الإسرائيلي)، الذي سعى لإجهاض القرار وكسر الإرادة المصرية، إلا أن صمود الشعب، ومهارة القيادة، ودعم الأمة العربية والمجتمع الدولي، أجبر المعتدين على الانسحاب، وخرجت مصر منتصرة بإرادتها وكرامتها.
قناة السويس.. من المقاومة إلى التنمية
بعد 69 عامًا، تقف قناة السويس كرمز للتاريخ والمستقبل. تحوّلت من رمز للسيادة المستردة إلى نموذج للتنمية المتكاملة، واستراتيجية قومية متجددة.
وفي عام 2015، دشّنت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع حفر قناة السويس الجديدة، في زمن قياسي، لتضاعف الطاقة الاستيعابية وتؤكد أن التنمية ليست خيارًا بل مصير.
وأكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، في ذكرى التأميم، أن القناة تعمل وفقًا لأرفع المعايير الدولية، دون مساس بثوابت السيادة الوطنية، مشددًا على أنها ركيزة للأمن القومي، وشريان لا غنى عنه في الاقتصاد العالمي.
قناة لا تعرف الانكسار
لم تعد قناة السويس مجرد ممر مائي، بل أصبحت ذاكرة أمة ونبض حاضرها الاقتصادي. فهي اليوم من أبرز ركائز سلاسل الإمداد العالمية، ومع كل تطوير تقني وتوسعة، تثبت أنها ممر استراتيجي لا بديل له في التجارة الدولية.
وتواصل الهيئة جهودها في تعزيز القدرة التنافسية للقناة، عبر مشروعات التوسعة، والتطوير الرقمي، وتحسين خدمات العبور، لضمان الحفاظ على الصدارة وسط تغيرات المشهد العالمي.