رحيل زياد الرحباني.. ناقد فني: ترك بصمة لا تُنسى ومكانة يصعب تكرارها

أوضح الناقد الفني أحمد سعد الدين، أن وفاة الفنان اللبناني زياد الرحباني تمثل خسارة فادحة للفن العربي بأكمله، واصفًا إياه بأنه “كيان فني متكامل” استطاع أن يشق طريقه المستقل، بعيدًا عن ظل العائلة الرحبانية الشهيرة.
المسرح.. وسيلة للنقد الساخر
وأشار سعد الدين في مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، إلى أن زياد، رغم نشأته داخل أسرة فنية فريدة تضم كبار المبدعين، مثل والدته فيروز ووالده عاصي الرحباني، إلا أنه اختار طريق التمرد منذ خطواته الأولى، فابتعد عن النمط الكلاسيكي لمدرسة الرحابنة، وصنع لنفسه أسلوبًا خاصًا في الموسيقى والمسرح والفكر.
ونوه الناقد الفني إلى أن زياد الرحباني لم يكتف بالتلحين أو الغناء، بل اتخذ من المسرح وسيلة فنية للنقد السياسي والاجتماعي، مشيرًا إلى أن الحرب الأهلية اللبنانية كانت لحظة فاصلة أثرت في اختياراته الفنية، حيث فضل الواقعية والسخرية السوداء على الصورة الحالمة التي تبناها الرحابنة في أعمالهم.
وأكد أن زياد كان يمتلك قدرة استثنائية على التعبير عن القضايا السياسية والاجتماعية من خلال نصوص مسرحية لاذعة، جعلت من أعماله علامات فنية تجاوزت حدود لبنان، وظلت حاضرة في الوعي العربي، خاصة لجمهور يؤمن بحرية الفكر والتعبير.
موسيقاه كانت تجربة مختلفة.. والجيل الجديد تأثر بها
وأشاد سعد الدين بالتجربة الموسيقية الفريدة التي خاضها زياد، مشيرًا إلى أنه دمج ببراعة بين الموسيقى الشرقية والمقامات العربية، وبين أنماط غربية كالجاز، مما أوجد صوتًا موسيقيًا مختلفًا كليًا عن المدرسة الرحبانية التقليدية.
وأشار إلى أن هذا الانفتاح على الموسيقى الغربية أثر بشكل ملحوظ على الأجيال التالية، حيث أصبح زياد الرحباني نموذجًا للتجديد والابتكار في عالم الموسيقى، وهو ما بدا واضحًا في الأغاني التي لحنها لفيروز.
شخصية متعددة الأبعاد
وأكد الناقد أن زياد لم يكن مجرد موسيقي أو كاتب، بل كان حالة متكاملة من الإبداع، فهو شاعر، وناقد، وعازف، ومفكر، يمتلك شخصية فنية حرة لا تتقيد بالقوالب، حتى في عزفه على البيانو، كان يفضل العزف بطريقته الخاصة دون التقيد برغبات الجمهور.
واختتم أحمد سعد الدين حديثه قائلاً: "خسارتنا كبيرة، ولكن عزاؤنا في الإرث العظيم الذي تركه زياد، فقد كان المتمرد الذي احترمه الجميع، وأحبوه لأنه لم يُشبه أحدًا، بل كان يشبه فقط زياد الرحباني".