عاجل

التدريب المهني بالمحافظات.. لماذا لا يتوسّع رغم نجاح النماذج؟

وزير العمل محمد جبران 
وزير العمل محمد جبران 

رغم ما يُحققه التدريب المهني من نتائج واعدة في تأهيل الشباب ودعم سوق العمل، لا يزال حضوره في بعض المحافظات محدودًا، ولا يتناسب مع حجم البطالة أو احتياجات سوق العمل المتزايدة، سواء على مستوى الداخل أو الخارج ، وبينما تكشف نماذج ناجحة مثل ما يحدث في مركز تدريب الخانكة بالقليوبية أو البرامج المتنقلة في الصعيد عن قدرة حقيقية للتغيير، فإن التساؤل المشروع يظل قائمًا: لماذا لا يتوسع التدريب المهني في مصر رغم وضوح النتائج وجدواه؟


نماذج ناجحة.. وتأثير ملموس

في محافظة القليوبية، بدأت مؤخرًا مديرية العمل تنفيذ برنامج تدريبي مجاني في مجال "التفصيل والحياكة" بمركز تدريب الخانكة، بمشاركة 19 فتاة، بواقع 150 ساعة تدريبية. البرنامج يأتي ضمن خطة الوزارة لتأهيل الشباب لسوق العمل، ومن المقرر أن يزوّد المتدربات بمهارات عملية تؤهلهن إما للحصول على وظائف لائقة أو البدء في مشروعات صغيرة، ما يربط التدريب مباشرة بالتشغيل والتمكين الاقتصادي.

كما نظّمت مديريات أخرى، مثل مديرية العمل في الشرقية، دورات حول السلامة المهنية، بينما استخدمت مديرية جنوب سيناء برامج توعية بالتدريب في القطاع السياحي، في محاولة لربط التدريب باحتياجات القطاعات النشطة في كل محافظة.

أرقام محدودة.. وطلب أكبر من العرض

بحسب بيانات صادرة عن وزارة العمل، فإن عدد المستفيدين من برامج التدريب المهني خلال النصف الأول من 2025 بلغ نحو 12 ألف متدرب فقط على مستوى الجمهورية، وهو رقم يبدو متواضعًا بالنظر إلى ملايين الشباب الباحثين عن فرصة أو المهارة.

ويرجع بعض المسؤولين هذا التواضع إلى نقص الموارد، وضعف الحملات الإعلامية الموجهة للشباب، إضافة إلى النظرة النمطية السلبية تجاه التعليم الفني، والتي لا تزال تمثل عائقًا نفسيًا أمام بعض الأسر.

لماذا لا يتوسع؟.. 4 أسباب رئيسية

رغم اعتراف وزارة العمل بأهمية التدريب كمسار موازي للتعليم الجامعي في تحقيق التنمية، إلا أن عدة تحديات لا تزال تعوق انتشاره بشكل واسع:

1. قلة عدد مراكز التدريب الثابتة والمتنقلة في بعض المحافظات، خاصة الريفية والنائية.
2. ضعف التنسيق مع القطاع الخاص لتحديد التخصصات المطلوبة فعليًا في السوق.
3. عدم استقرار التمويل المخصص للبرامج التدريبية، أو اقتصاره على تمويل موسمي من خطط استثمارية محدودة.
4. ضعف الإقبال المجتمعي، خاصة من الفتيات في بعض المحافظات، بسبب العادات أو نقص الثقة في جدوى التدريب.


في انتظار خطة قومية شاملة

النجاحات الجزئية في محافظات مثل القليوبية، الغربية، والمنيا تثبت أن التدريب المهني يمكن أن يكون بوابة ذهبية لتقليص البطالة وتمكين الشباب. لكن ما زال المطلوب هو خطة قومية موحدة وشاملة، تبدأ من المدارس الإعدادية، وتُدار بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وتقوم على مفهوم "التدريب من أجل التشغيل".

التدريب المهني في مصر ليس مشكلة في الإمكانيات، بل في الإرادة التنظيمية والرؤية التكاملية. فطالما بقي في حيز التجارب المحدودة، لن يؤدي دوره الحقيقي في إعادة تشكيل هيكل سوق العمل، وتحقيق التنمية المستدامة، وتمكين الشباب من بناء مستقبلهم بأياديهم.

تم نسخ الرابط