عمرو خالد: الصلابة النفسية سر تجاوز الخوف والنبي النموذج الأسمى (فيديو)

أكد الداعية الإسلامي الدكتور عمرو خالد، أن الخوف شعور غريزي لدى الإنسان، لكنه يختلف في تأثيره من شخص لآخر. فهناك من يستسلم لهذا الشعور، وهناك من ينجح في التحكم فيه وتجاوزه.
وخلال الحلقة السادسة عشرة من برنامجه الرمضاني "نبي الإحسان"، أوضح أن الصلابة النفسية هي المفتاح الأساسي للسيطرة على المخاوف، مشيرًا إلى أن النبي محمد ﷺ كان النموذج الأسمى في امتلاك هذه القوة.
وأوضح أن هناك ثلاثة جوانب رئيسية تعزز الصلابة النفسية: الجانب الروحي، والجانب الحياتي (الإحسان)، والجانب الاجتماعي.
القوة المستمدة من العبادة
أكد خالد أن اللجوء إلى الصلاة والعبادة هو أفضل وسيلة لمواجهة الخوف، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ كان إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة.
ونصح كل من يتلقى خبرًا مخيفًا أو يواجه أزمة أن يتبع نفس النهج، ويصلي ركعتين في وقت السحر، لأن العبادة تعمل على استرداد الصلابة الداخلية وتعزيز القوة النفسية.
الجانب الحياتي (الإحسان)
تطرق خالد إلى المواقف الصعبة التي واجهها النبي ﷺ، ومنها فقدانه لزوجته السيدة خديجة وعمه أبا طالب في شهر واحد، مما شكل ضربة نفسية قاسية له. ومع ذلك، لم يستسلم للحزن، بل قرر الهجرة إلى الطائف سيرًا على قدميه لمسافة 100 كلم، لدعوة أهلها إلى الإسلام، رغم علمه بالمخاطر التي قد يواجهها.
ورغم رفض أهل الطائف دعوته، بل وإيذائه بالسخرية ورميه بالحجارة، إلا أنه لم ينتقم منهم، ورفض عرض ملك الجبال عندما قال له: "إن شئت أطبق عليهم الأخشبين".
ورد قائلاً: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا"، وهو ما اعتبره خالد قمة الإحسان، حيث قابل الإساءة بالصبر والتسامح، بدلاً من الانتقام.
الالتفاف حول الناس
أشار خالد إلى أن النبي ﷺ كان يفقد شخصًا عزيزًا عليه بعد كل انتصار، فبعد غزوة بدر، عاد ليجد ابنته رقية قد توفيت، وبعد غزوة تبوك، فقد ابنته أم كلثوم، وعند فتح مكة واجه تحالف قبائل هوازن والطائف في غزوة حنين، كما فقد ابنه إبراهيم وهو في سن الـ62.
ورغم هذه المصائب المتتالية، لم ينعزل النبي ﷺ عن الناس، بل كان دائمًا بين أصحابه، يشاركهم أفراحهم وأحزانهم، تطبيقًا لقوله تعالى: "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي"، وهو ما يؤكد أهمية الروابط الاجتماعية في تجاوز الأزمات النفسية.
غزوة الخندق
و استعرض "خالد" غزوة الخندق كنموذج على الصلابة النفسية والإدارة الحكيمة للأزمات. ففي مواجهة تحالف قريش واليهود بجيش قوامه 10 آلاف مقاتل، وهي أكبر قوة شهدتها جزيرة العرب آنذاك، تبنى النبي ﷺ فكرة حفر خندق حول المدينة، بناءً على اقتراح الصحابي سلمان الفارسي.
كانت هذه الكلمات رسالة أمل للمسلمين، وتأكيدًا على أن الصبر سيؤدي إلى النصر. وبالفعل، نجحوا في إكمال الخندق خلال 15 يومًا فقط، مما أصاب قريش وحلفاءها بالذهول، وبث فيهم الرعب والخوف من مفاجآت أخرى.

دروس من النبي
أكد خالد أن غزوة الخندق تقدم درسًا في فن إدارة الأزمات، حيث أظهر النبي ﷺ قدرة فائقة على التخطيط الاستراتيجي، والتحكم في الخوف، وتحفيز من حوله.
كما شدد على أن الصلابة النفسية ليست مجرد قوة داخلية، بل تتطلب دعمًا روحيًا، ومواقف حياتية تعكس الإحسان، وروابط اجتماعية متينة، وهي الدروس التي يمكن أن يستفيد منها أي إنسان في مواجهة تحديات الحياة.