داعية إسلامي: مراتب الصيام عبادة تجمع بين الجسد والروح (فيديو)

يُعد الصيام من العبادات العميقة التي لا تقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب فقط،؛ بل تمتد لتشمل تهذيب النفس والارتقاء بالروح، مما يجعله تجربة روحية متكاملة تجمع بين الجسد والعقل والقلب.
وفي هذا السياق، تناول الشيخ علاء جمال، الداعية الإسلامي، خلال حلقة من برنامج "فاسألوا" المذاع على قناة "أزهري"، مراتب الصيام وأبعاده المختلفة، موضحًا أن للصيام ثلاث درجات رئيسية، تتفاوت في عمقها وأثرها على الإنسان.
المراتب الثلاث للصيام
أوضح الشيخ علاء جمال أن أولى درجات الصيام تُعرف بــ"صيام العوام"، وهو الصيام الذي يقتصر على الامتناع عن شهوتي البطن والفرج، دون أن يتعدى ذلك إلى ضبط الجوارح أو التحكم في الفكر والمشاعر.
وفي هذه المرحلة، يلتزم الصائم بالحد الأدنى من متطلبات الصيام، لكنه قد يظل منشغلًا بأمور الحياة اليومية، مما قد يُضعف الأثر الروحي للصيام.
المرتبة الثانية
أما المرتبة الثانية، فهي "صيام الخواص"، وهي درجة أعلى تتطلب من الصائم الامتناع ليس فقط عن الطعام والشراب، بل أيضًا عن كل ما قد يفسد الروح أو يؤثر على نقاء القلب.
في هذه المرحلة، يحرص الصائم على ضبط جوارحه، فيكف بصره عن الحرام، ويحفظ لسانه من الغيبة والنميمة، ويتجنب الاستماع إلى ما لا يرضي الله، مما يجعله أكثر وعيًا بسلوكه وتصرفاته خلال الصيام.
درجات الصيام
أما أعلى درجات الصيام، فهي "صيام خواص الخواص"، وهو صيام القلوب قبل الأجساد، حيث يترفع الإنسان عن كل ما يشغله عن الله، فيصبح الصوم وسيلة للارتقاء الروحي والتقرب الكامل من الله.
وأوضح الشيخ علاء جمال أن هذه المرتبة لا يصل إليها إلا الأنبياء والأولياء الصالحون، حيث يعيش الإنسان في حالة من الصفاء الروحي العميق، فلا يتأثر قلبه بمغريات الدنيا، بل يصبح حاضرًا مع الله في كل لحظة.
المراتب العليا للصيام
وأشار الداعية الإسلامي إلى أن كل مسلم يمكنه السعي للارتقاء في مراتب الصيام من خلال الاجتهاد في العبادات، ومجاهدة النفس، والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة. وأكد أن الله خلق الناس متفاوتين في درجاتهم الإيمانية، لكن يمكن لكل فرد أن يسعى للوصول إلى أعلى المراتب عبر المداومة على الطاعات والحرص على نقاء القلب.
كما استشهد بكلام الإمام أبو حامد الغزالي، الذي يرى أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام، بل هو تدريب للنفس على الطاعة، وتقوية للإرادة، ووسيلة للابتعاد عن المحرمات. وبيّن أن الإنسان لا يصل إلى أعلى مراتب الصيام إلا عندما يصبح قلبه خالصًا لله، حاضرًا معه في كل الأوقات، متحررًا من شواغل الدنيا ومغرياتها.

الصيام فرصة روحية
وفي ختام حديثه، شدد الشيخ علاء جمال على ضرورة استثمار شهر رمضان في تهذيب النفس، والتقرب إلى الله بالأذكار والأعمال الصالحة، والابتعاد عن كل ما قد يشغل القلب عن العبادة. ولفت إلى أن الصيام فرصة نادرة لتنقية الروح والارتقاء بالنفس، داعيًا المسلمين إلى اغتنامه بالصورة المثلى لتحقيق أقصى فائدة روحية منه.