ما حكم قضاء الصلوات الفائتة الكثيرة؟ الإفتاء توضح الحكم

في ظل ما نشهده من تهاون بعض المسلمين في أداء الصلوات المفروضة، تظهر تساؤلات ملحّة حول كيفية التوبة والرجوع إلى الله، وخاصة فيما يتعلق بقضاء الصلوات التي فاتت على مدى سنوات طويلة وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء المصرية أن :جمهور الفقهاء يرون أن المسلم المكلَّف إذا ترك الصلاة، سواء بسبب نسيان أو تفريط، فعليه أن يقضي ما فاته من الصلوات فورًا، حتى وإن كانت كثيرة، ما لم يترتب على ذلك مشقة بدنية كالتعب الشديد، أو الخوف من المرض، أو حصول الضرر المالي كضياع ماله أو تعطله عن مصدر رزقه، ففي هذه الحالة لا يجب عليه القضاء دفعة واحدة، بل يُرخَّص له أن يقضي ما يستطيع بعد كل صلاة حاضرة، بحسب طاقته، حتى يتمكن من قضاء جميع الفوائت، وبهذا تبرأ ذمته. أما إذا ترك القضاء أو تراخى عنه دون عذر، فلا تبرأ ذمته.
وأشاروا إلى أن من كان يقضي الفوائت لا يُطالَب بأداء السنن أو النوافل معها، بل يكتفي بالفرائض حتى يغلب على ظنه أنه قد أتم القضاء، وبعدها يمكنه العودة إلى أداء السنن والنوافل المعتادة
هل يجوز الجمع بين الصلاتين لعذر المرض؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز للمريض ومن في حكمه أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، مراعاةً لما يصيبه من مشقة في أداء كل صلاة في وقتها. وقد اتفق على ذلك الحنابلة وبعض الشافعية، كما أجاز المالكية الجمع الصوري خروجًا من الخلاف.
ماذا يقول العلماء ؟
فقد نص الحنابلة على أن المريض يجوز له الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما إذا كان يتضرر أو يشق عليه الفصل بينهما، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، واعتبر الإمام أحمد أن المرض أعظم مشقة من السفر، فجاز الجمع للمريض من باب أولى، كما نقل ذلك العلامة البهوتي في “كشاف القناع”.
أما في المذهب الشافعي، فالمعتمد عند أكثرهم عدم جواز الجمع بسبب المرض، إلا أن جماعة من كبار فقهائهم كالقاضي حسين، والروياني، وأبو سليمان الخطابي، ذهبوا إلى جوازه، وهو ما رجحه الإمام النووي في “روضة الطالبين”، معتبرًا أن الجمع لأجل المرض قول قوي ظاهر، خاصة مع ثبوت الحديث الصحيح في الجمع دون عذر ظاهر.
وأما المالكية، فذهبوا إلى جواز الجمع الصوري للمريض؛ وذلك بأن يصلي الظهر والمغرب في آخر وقتهما، ثم يصلي العصر والعشاء في أول وقتيهما، طلبًا للرفق بالمريض وخروجًا من الخلاف في المسألة، كما جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل، مبينًا أن هذا الحكم لا يقتصر على المبطون، بل يشمل كل من يعاني من مشقة في أداء الصلوات في أوقاتها.
وبناءً على ما سبق، فإن صاحب العذر كالمريض، يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إما جمعًا حقيقيًّا كما ذهب إليه بعض الفقهاء، أو جمعًا صوريًّا على نحو ما أفتى به المالكية، بحسب ما هو أيسر وأرفق بحاله