القاهرة تستضيف لقاءً رفيع المستوى لتعزيز وثيقة رفض التهجير القسري للفلسطينيين

في لحظة فارقة من تاريخ القضية الفلسطينية، اجتمعت في القاهرة نخبة من القيادات الحقوقية العربية والدولية، بدعوة من مجلس الشباب المصري، لمراجعة سُبل تفعيل “وثيقة القاهرة لرفض التهجير القسري”، ومناقشة آفاق التحرك المدني والدبلوماسي في مواجهة سياسات الإبادة والاقتلاع الجماعي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
الحدث الذي انعقد بالتزامن مع اجتماع مجلس الجامعة العربية الطارئ، جاء في ظل تصاعد التحذيرات من دخول غزة في مرحلة المجاعة الشاملة، وسط استمرار الحصار الإسرائيلي وتصعيد الجرائم بحق المدنيين.
وأشار الاجتماع الذي احتضنه مجلس الشباب المصري ضم شخصيات بارزة في العمل الحقوقي والدولي، من بينهم محمد عريقات ، رئيس المجلس الأعلى للشباب الفلسطيني، رمزي عودة، رئيس الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والفصل العنصري، منير السقاف ، المدير التنفيذي للمرصد اليمني لحقوق الإنسان، علاء حمودة، مدير الحملة في قطاع غزة، عبد الجواد أبو كب، مدير أكاديمية المجتمع المدني للإعلام الجديد.
وقد عبّر الحاضرون عن دعمهم الكامل لوثيقة القاهرة التي صدرت في فبراير الماضي، مؤكدين أنها أصبحت تمثل مرجعية أخلاقية وسياسية لكل الأحرار في المنطقة، في مواجهة مشاريع التهجير والتفريغ السكاني والتطهير العرقي.
شدد محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري،في كلمته خلال اللقاء على أن “وثيقة القاهرة لم تأت كرد فعل عابر، بل هي ثمرة قناعة راسخة لدى منظمات المجتمع المدني بأن التهجير القسري جريمة لا تسقط بالتقادم، وأن ما يحدث في غزة يتجاوز حدود الصراع العسكري ليدخل في دائرة الجرائم ضد الإنسانية”.
وأضاف ممدوح: “مصر لم تتوانَ يومًا عن الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني، لا سياسيًا ولا إنسانيًا، وكل ما يُروّج من معلومات مغلوطة بشأن تعطيل دخول المساعدات عبر معبر رفح، هو محض افتراء لا يصمد أمام الحقائق على الأرض. مصر فتحت المعبر وتمد القطاع بالمساعدات رغم التحديات الأمنية الهائلة، وهي اليوم، كما كانت دومًا، السند الأول للقضية الفلسطينية، بلا مِنّة ولا مزايدة”.
القاهرة تستضيف لقاءً رفيع المستوى لتعزيز وثيقة رفض التهجير القسري للفلسطينيين
القيادات الحقوقية المشاركة أكدت في بياناتها أن القاهرة، عبر مؤسساتها الرسمية والمدنية، تقود جبهة إنسانية متماسكة لحماية الفلسطينيين من مخططات التهجير، مشيدة بالدور المحوري الذي تضطلع به الدولة المصرية في المحافل الدولية، من خلال تحركات دبلوماسية فاعلة، ومنصات تنسيق إغاثي ولوجستي، أسهمت في إيصال الآلاف من الشاحنات من الغذاء والدواء والوقود إلى غزة، في الوقت الذي تُغلق فيه معابر الاحتلال ويُستهدف فيه المدنيون في الملاجئ والمستشفيات.
أضاف الاجتماع تناول بالتفصيل الخطوات المستقبلية لتوسيع مظلة وثيقة القاهرة لتشمل منظمات وهيئات حقوقية دولية في أوروبا وأميركا اللاتينية، والعمل على إعداد ملف حقوقي مشترك يرفع إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فضلاً عن تدشين حملة دولية للضغط من أجل فتح تحقيق شفاف في الجرائم المرتكبة في غزة، وعلى رأسها جرائم التهجير والتجويع الجماعي.
وفي ختام الاجتماع، أصدر الحاضرون بيانًا أكدوا فيه أن الصمت الدولي أمام ما يجري في غزة يمثل تواطؤًا غير مباشر مع الاحتلال، ودعوا إلى حراك شعبي وقانوني مستمر يقوده المجتمع المدني العربي، بمساندة مصرية قوية، لمنع تمرير أي سيناريو يستهدف الوجود الفلسطيني على أرضه، تحت أي غطاء كان. كما أكدوا أن وثيقة القاهرة ستظل منارة للمواقف المبدئية التي ترفض الخضوع للابتزاز السياسي، وتتمسك بحق الشعوب في الحياة والكرامة والسيادة.