عاجل

كيف تُوظّف إسرائيل الأزمة الإنسانية لبسط نفوذها في جنوب سوريا؟

السويداء
السويداء

أكد  خبراء أن إرسال إسرائيل مساعدات طبية إلى الدروز في محافظ السويداء يعد محاولة واضحة لتعزيز نفوذ تل أبيب في جنوب سوريا، متسترة بغطاء إنساني يخفي أهدافًا استراتيجية أعمق.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تنافس إقليمي حاد، حيث تحاول إسرائيل استغلال الظروف الإنسانية المتدهورة في الجنوب السوري لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية، خصوصًا في محافظة السويداء التي تواجه نقصًا حادًا في المستلزمات الطبية نتيجة المعارك المستمرة والحصار المفروض على بعض مناطقها.

السويداء
السويداء

أبعاد سياسية للمساعدات

صرح الخبير في الشأن السوري ياسين العلي أن هذه الخطوة تحمل أبعادًا استراتيجية تتجاوز الطابع الإنساني المعلن، مشيرًا إلى أن الجنوب السوري، وبالأخص السويداء، يمثل منطقة حساسة سياسيًا وأمنيًا بالنسبة لإسرائيل.

وقال العلي في تصريحات صحفية إن إسرائيل تسعى من خلال هذه المساعدات إلى توجيه رسالة واضحة للنظام السوري بأنها قادرة على التأثير المباشر في الداخل السوري، كما أن المساعدات تعتبر "أداة غير مباشرة لترسيخ الحضور السياسي وبناء حواضن اجتماعية موالية".

وأضاف: "دروز السويداء لهم روابط تاريخية مع دروز إسرائيل، ويعتبرون أن تل أبيب قد تكون قوة ضامنة لأمنهم، خاصة في ظل ما تعرضوا له مؤخرًا من تهديدات وصراعات دامية"، لافتًا إلى أن المساعدات تحمل في طياتها محاولة لتوطيد العلاقة مع فئة مجتمعية يمكن أن تشكل لاحقًا كتلة دعم إقليمي لإسرائيل.

كما أوضح العلي أن هذه المساعدات تنطوي على رسائل سياسية موجّهة إلى دمشق، مفادها أن "إسرائيل موجودة ومؤثرة، وهي مستعدة للتفاعل المباشر مع المجتمعات المحلية لخدمة مصالحها الأمنية".

السويداء.. محافظة منكوبة

من جانبه، اعتبر الناشط الحقوقي نضال حوري أن هذه المساعدات تأتي في وقت تُعد فيه السويداء وريفها محافظة منكوبة، نتيجة اشتداد المعارك وانقطاع المساعدات الطبية والإنسانية.

وأشار حوري إلى أن دروز السويداء لم ينكروا سابقًا تلقيهم مساعدات من إسرائيل في مراحل سابقة من الأزمة السورية، مؤكدًا أن هذه الممارسات ليست جديدة، بل تأتي ضمن سياسة إسرائيلية قديمة تستثمر في الثغرات الإنسانية لتعزيز حضورها.

وقال: "إسرائيل عززت وجودها في مناطق مثل قطنا وقلعة جندل، ولم تكن بحاجة لذرائع إضافية لبسط نفوذها، لكن التطورات الأخيرة في السويداء فتحت أمامها الباب لتوسيع هذا النفوذ دون الدخول في مواجهات مباشرة".

وأضاف أن إسرائيل كانت تسعى منذ سنوات إلى تحويل الجنوب السوري إلى منطقة منزوعة السلاح، وأحداث السويداء الأخيرة ساعدتها، وفق رأيه، على تنفيذ هذا الهدف بشكل جزئي من خلال إفراغ درعا من السلاح بدون معارك معلنة.

استراتيجية ناعمة بوجه سياسي

في ضوء هذه التطورات، يرى مراقبون أن إسرائيل باتت تعتمد بشكل متزايد على أدوات "ناعمة" مثل المساعدات الإنسانية والطبية لتحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، وفرض واقع ميداني يخدم أمنها واستراتيجيتها الإقليمية.

وبينما تعاني السويداء من أوضاع مأساوية، تبدو تل أبيب ماضية في استغلال هذه الأزمة الإنسانية لترسيخ نفوذها بهدوء، في وقت يشهد فيه الجنوب السوري حالة من الغموض والترقب حيال مستقبل السيطرة والنفوذ فيه.

تم نسخ الرابط