«لن أدعك تنزل وحدك».. والد الشهيد مصطفى عفيفي يروي اللحظات الأخيرة لنجله

روى أنور عفيفي، والد الشهيد مصطفى عفيفي، تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة نجله قبل أن يُصاب بطلق ناري أثناء خروجه لأداء صلاة الفجر، مؤكدًا أن تلك اللحظات ستبقى محفورة في ذاكرته إلى الأبد، فضًلا عن أنه استيقظ، كما اعتاد دائمًا، قبيل الفجر لأداء السُّنة، وفجأة سمع أصوات إطلاق نار مكثف قادمة من اتجاه مدينة الشباب، التي تبعد عن سكنهم بمسافة ليست قصيرة.
ورغم دويّ الرصاص، قال أنور عفيفي والد الشهيد: "أكملت صلاتي في المنزل، وحين سمع مصطفى صوت الطلقات، أصرّ على النزول معي إلى المسجد قائلاً: لن أدعك تخرج وحدك، مهما كان"، في مشهد يعكس حبه العميق لوالده وشجاعته الفطرية.
رفض البقاء في المنزل
أضاف أنور عفيفي، خلال مداخلة هاتفية مع المحامي الدولي والإعلامي خالد أبو بكر في برنامج "آخر النهار" عبر قناة "النهار"، أن والدته حاولت منعه من الخروج، لكنه رفض نصيحتها بشدة، وقرر مرافقة والده إلى المسجد.
وأشار إلى أن مصطفى حمل قطعة خشبية بسيطة في يده، متخيلًا أن الأصوات تعود ربما لمحاولة سرقة أو اعتداء، خاصة وأن الأسرة كانت قد تعرضت في وقت سابق لمحاولة مشابهة، وقد تصدى لها مصطفى بكل شجاعة، قائًلا: "كان يعتقد أن الموقف مثل المرات السابقة، حيث نزل للتصدي للصوص، دون أن يعلم أن القدر هذه المرة يخبئ له النهاية".
رصاصة الغدر تسبق الأب
تابع أنور عفيفي وهو يغالب تأثره، قائلاً: "لأول مرة يسبقني مصطفى في النزول من المنزل. وما إن وصلتُ إلى أسفل، حتى رأيته ملقى على الأرض مضرجًا في دمائه، وقد أصيب بطلق ناري مباشر".
وتابع أنور عفيفي: "لم أفقد أعصابي رغم هول المشهد، بل أسرع بمحاولة إنقاذ ابنه ونقله على الفور إلى أحد المستشفيات الخاصة القريبة، لكن المفاجأة أن المستشفى رفض استقباله بحجة عدم وجود إمكانيات".
وأضاف أنور عفيفي: "توجهت بعدها إلى مستشفى الهرم، وهناك أخبروني بأن مصطفى قد فارق الحياة، وأن روحه الطاهرة قد عادت إلى خالقها"، في لحظة وصفها الأب بأنها "الأصعب في حياته"
الإيمان بالقضاء رغم الألم
رغم صدمته الكبيرة، أظهر أنور عفيفي والد الشهيد إيمانًا قويًا بالقضاء والقدر، مؤكدًا: "ما حدث هو إرادة الله التي لا راد لها، ورغم الحزن العميق، أشعر بالفخر أن ابني استشهد وهو خارج لأداء صلاة الفجر".
وقال الأب أنور عفيفي في نهاية مداخلته: "رأيت ابني غارقًا في دمه، ولم يكن أمامي سوى محاولة إنقاذه، لكن إرادة الله كانت نافذة. كنت أتمنى أن أنقذه، لكنه رحل في لحظة طهر وصفاء، وكلي يقين بأنه في جنات الخلد".

قصة استشهاد تُلهم الوطن
قصة مصطفى عفيفي ليست مجرد حادثة، بل رمز للتضحية والرجولة والبر بالوالدين، وشهادة حية على معدن الشباب المصري الأصيل، الذي يضع أهله وصلاته وأخلاقه قبل أي شيء، حتى ولو كان الثمن حياته.
وبينما ودّع الأب أنور عفيفي ابنه شهيدًا في صلاة الفجر، تبقى قصته مصدر إلهام للأجيال القادمة، ورسالة واضحة بأن القيم لا تموت، وأن الشجاعة الحقيقية تكمن في الوفاء والنية الطيبة، حتى في أحلك اللحظات.