الفاروق عمر ابن الخطاب .. مسيرة تحول معارض الإسلام إلى رمزه العادل (فيديو)

سلّط برنامج "فكر الأئمة", المذاع على قناة أزهري، الضوء على المسيرة التاريخية الفريدة لأمير المؤمنين، عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الذي بدأ حياته كأحد أشد المعارضين للإسلام، قبل أن يصبح أحد أعظم المدافعين عنه.
تحول حياة الفاروق:
في بداياته، كان عمر بن الخطاب من أشد معارضي الإسلام، وبلغت خصومته بالدعوة الإسلامية حد التخطيط لاغتيال النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. لكن مشيئة الله قادته إلى حدث مفصلي غيّر حياته بالكامل، عندما استمع إلى آيات القرآن الكريم في بيت أخته فاطمة، فأثّرت فيه تأثيرًا عميقًا، وقلبت كيانه رأسًا على عقب.
عندها، قرر عمر أن يسلك طريق الإيمان، وأعلن إسلامه دون خوف، متحديًا زعماء قريش ،مؤكدًا ولاءه للدعوة الإسلامية.
الهجرة إلى المدينة :
عرف عن عمر بن الخطاب شجاعته الفائقة، وبرز ذلك جليًا في يوم هجرته إلى المدينة المنورة. ففي حين كان معظم المسلمين يهاجرون سرًا خوفًا من بطش قريش، وقف عمر جهارًا في الكعبة وأعلن رحيله، متحديًا أي شخص يجرؤ على منعه، حتى أنه قال قولته الشهيرة: "من أراد أن تثكله أمه فليلقني وراء هذا الوادي." وهكذا، قاد عددًا من المسلمين المستضعفين إلى المدينة، ليصبح أحد أهم أعمدة الدولة الإسلامية الوليدة.
دوره في الدولة الإسلامية :
في المدينة، كان عمر بن الخطاب، من أبرز الصحابة الذين ساندوا النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في إرساء قواعد الدولة الإسلامية. وكان رأيه نافذًا في الكثير من القضايا، حتى أن الوحي نزل مؤيدًا لمواقفه في بعض الأحيان، كما حدث في شأن أسرى بدر وتعامل النبي مع المنافق عبد الله بن أبي بن سلول.
ولم تقتصر مساهماته على الجانب العسكري أو السياسي فقط، بل كان له تأثير عميق في تنظيم الدولة الإسلامية إداريًا. إذ يُعزى إليه الفضل في إنشاء الدواوين، وهو نظام إداري ساعد في تنظيم شؤون الحكم.
كما كان صاحب فكرة التقويم الهجري، الذي أصبح الأساس في التأريخ الإسلامي. علاوة على ذلك، وضع أسس نظام الشرطة والمراقبة لضمان تحقيق العدالة بين الناس.
إغتياله وإرثه الخالد:
على الرغم من إنجازاته العظيمة، لم تخلُ مسيرة عمر من التحديات، وكانت نهايته مأساوية عندما تعرض للاغتيال أثناء صلاة الفجر على يد أبي لؤلؤة المجوسي. ومع ذلك، لم يكن موته نهاية لتأثيره، فقد ترك إرثًا خالدًا في تاريخ الإسلام، وكان مثالًا للحاكم العادل الذي جعل مخافة الله ميزانًا في كل قراراته.

رمز للعدل والقوة:
ظل الفاروق عمر بن الخطاب، نموذجًا خالدًا للعدل والقوة، إذ عُرف بزهده في الدنيا وحرصه على حقوق الرعية، لم يكن يقبل الظلم، وكان يُحاسب نفسه قبل أن يُحاسب غيره، مرددًا عبارته الشهيرة: "لو أن بغلة تعثرت في العراق، لخفت أن يسألني الله عنها: لمَ لمْ تمهد لها الطريق؟"
وهكذا، يبقى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، شخصية ملهمة في التاريخ الإسلامي، ورمزًا للقيادة الحكيمة التي جعلت العدل والمساواة أساسًا للحكم.