هانا هامبتون..من الحول والعمليات الجراحية إلى أبرز نجمة اوروبية في كرة القدم

قبل سنوات، قال الأطباء لهانا هامبتون، إنها لن تستطيع لعب كرة القدم أبدا . كانت كلماتهم قاطعة: «لن تتمكني من ممارسة أي رياضة على الإطلاق».
حالة من الحول (الاسترابيزم)، ومشكلات في الرؤية تمنعها من تمييز المسافات بوضوح أو توقُّع مسار الكرة.
واليوم، تقف هذه الفتاة على عرش كرة القدم النسائية بوصفها أحد أعمدة منتخب إنجلترا المشارِك في «يورو 2025» للسيدات.
وبحسب صحيفة «لا جازيتا ديلو سبورت» الإيطالية، فقد أصبحت هامبتون قصة ملهمة في عالم الرياضة، بعد أن كسرت جميع القيود الطبية التي كادت تحطم أحلامها. نشأت الطفلة البريطانية محبة لكرة القدم منذ نعومة أظافرها، لكنها وجدت نفسها في معركة دائمة مع جسدها، ومع مشكلات في العين أثرت في تقديرها للمسافات، حتى بات الأطباء يوصون والديها بضرورة إبعادها عن أي رياضة؛ تجنبا لأي إصابة محتملة.
ورغم خضوعها لعمليات جراحية عدة في مرحلة الطفولة لمحاولة تصحيح نظرها وتحسين رؤيتها للمسافات، فإن النتائج لم تأت كما كانت العائلة تأمل. في حديثها الإعلامي الأخير، تروي هامبتون كيف أنها كانت تتلقى الضربات بشكل متكرر خلال التدريب، وتصاب بكسور في الأصابع ونزف في الأنف، لكنها لم تستسلم قط.
اللحظة المفصلية في مسيرة هانا جاءت خلال رحلة عائلية إلى إسبانيا عندما كانت في الخامسة من عمرها. وبينما كانت تلعب في شوارع جنوب إسبانيا، لفتت أنظار المدافع الأرجنتيني السابق لفريق فياريال، فابيو فوينتيس، الذي أقنع والديها بضرورة منح الطفلة فرصة لإثبات موهبتها، بغض النظر عن مشكلاتها الصحية .
عند عودتها إلى إنجلترا، خضعت هانا لاختبارات في أكاديمية ستوك سيتي، حيث بدأ مشوارها الحقيقي. لم تكن مشكلتها البصرية هي العائق الأكبر، بل على العكس، تعلمت كيف توظِّف جسدها وعقلها لتجاوز هذه العثرة. تأثرت بالفكر الكروي الإسباني، حيث تعلّمت اللعب بكلتا القدمين، وأصبحت لاعبة شجاعة لا تخشى الخروج من منطقة الجزاء، لتتحول من مجرد فتاة تعاني من مشكلات في النظر إلى واحدة من أبرز الحارسات في الكرة النسائية.
هامبتون لم تكتفِ بالنجاح داخل المستطيل الأخضر، بل تحدثت عن مشكلاتها الصحية بشكل علني في ديسمبر 2021، بعد انتقالها إلى أستون فيلا، وقالت: «لو أنني استمعت لنصائح الأطباء، لما كنت قادرة على ممارسة الرياضة ولا حتى مزاولة بعض المهن التقليدية. كان حلمي منذ الطفولة أن أكون رياضية، و كنت دائماً أردد للفتيات الأصغر سناً: إذا لم تستطعن تحقيق أحلامكن، فما فائدة الحياة؟».
من اللعب في الحدائق العامة بمدينة فياريال، إلى تمثيل منتخب إنجلترا في بطولة أوروبا للسيدات، وهي البطولة التي سبق أن تُوِّجت بها عام 2022، قطعت هامبتون مسيرةً مذهلةً خلال بضع سنوات فقط، وواجهت طريقها بمرونة نادرة وثبات استثنائي. باتت الإصابات في الأصابع والنزف خلال الطفولة جزءاً من الذكريات، واليوم لم يلحظ أحد على أرض الملعب أي أثر لحالتها الصحية.
الأمر الأكثر إلهاما بحسب «لا جازيتا ديلو سبورت» هو أن هامبتون، رغم كونها تعاني من ضعف في إدراك المسافات، فإنها باتت قادرة على صناعة التمريرات الحاسمة من منطقة جزائها، وتسديد كرات طولية مذهلة لمسافة 60 متراً كما حدث في مواجهة إنجلترا وهولندا ضمن البطولة الجارية. تلك الرؤية الفريدة للملعب جعلتها تتفوق على كل التوقعات التي وضعت أمامها منذ الطفولة، مؤكدة أن الشغف والانضباط يمكن أن يهزما القيود الطبية مهما بلغت صعوبتها..