عاجل

دراسة حديثة: "السعادة وحدها لا تكفي".. الحياة الجيدة أكثر تعقيدًا مما نظن

السعادة
السعادة

في وقتٍ تتصدر فيه عبارات مثل "ابحث عن السعادة" و"ضع هدفًا لحياتك" عناوين كتب التنمية الذاتية، جاء بحث علمي جديد من جامعة "هارفارد" ليثير تساؤلًا عميقًا: هل يكفي أن تكون سعيدًا أو أن تملك هدفًا لتعيش حياة جيدة؟

الدراسة التي نُشرت في مجلة Psychological Science في يوليو 2025، أجابت عن هذا السؤال بإسهاب، مؤكدة أن السعادة والهدف ليسا كافيين بمفردهما، وأن هناك بُعدًا نفسيًا أساسيًا كثيرًا ما يُغفل: الشعور بالانتماء والرضا عن الذات ضمن السياق المجتمعي.

ما تعريف "الحياة الجيدة" من منظور علم النفس؟

يرى علماء النفس أن "الحياة الجيدة" لا تُقاس فقط بمستوى السعادة أو وجود غاية تسعى إليها، بل ترتبط بثلاثة مكونات رئيسية:

الرفاهية الذاتية: أي الشعور بالرضا العام والسعادة.

الحياة ذات المغزى : أي امتلاك هدف أو رسالة تسعى لتحقيقها.

الرضا السياقي: وهو الشعور بأنك جزء من عالمك، منسجم مع نفسك ومحيطك.

ووفقًا للدراسة، فإن غياب أحد هذه الأركان قد يجعل الحياة تبدو "ناقصة" رغم وجود الابتسامة أو النجاح الخارجي.

ماذا تقول نتائج الدراسة الجديدة؟

أجريت الدراسة على أكثر من 7000 مشارك من خلفيات ثقافية ودينية واجتماعية متنوعة، وطُلب منهم تقييم جودة حياتهم من حيث السعادة، والهدف، والرضا الذاتي. وكانت النتيجة لافتة:

الأشخاص الذين كانوا سعداء فقط دون أن يشعروا بوجود هدف حقيقي، أبلغوا عن شعور بالخواء والملل بعد مرور الوقت.

أما الذين امتلكوا أهدافًا كبيرة دون شعور يومي بالسعادة أو الانتماء، فقد أظهروا مستويات مرتفعة من التوتر والإرهاق.

بينما سجل أعلى معدلات "الحياة الجيدة" من جمعوا بين السعادة والهدف والانتماء لمجتمعهم أو دائرة دعم نفسي.

البُعد الثالث: الانسجام مع الذات والمجتمع

أكد الدكتور "أليكس كارلسون"، أحد معدّي الدراسة، أن العامل الأكثر تأثيرًا في جودة الحياة هو القدرة على الشعور بالقبول والانتماء في العالم المحيط بك، سواء في العلاقات أو مكان العمل أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف: "يمكنك أن تكون غنيًا وسعيدًا، لكن إذا شعرت أنك لا تنتمي إلى أي مكان، فإن هذا يعطّل رفاهيتك النفسية بشكل عميق".

هل النجاح وحده يكفي؟

ربطت الدراسة بين النجاح الوظيفي أو المالي وبين جودة الحياة، لكن النتائج أوضحت أن هذا النجاح لا يترجم دائمًا إلى شعور داخلي بالسلام أو الرضا، إذا لم يكن مصحوبًا بعلاقات صحية، وشعور بالمعنى، وأمان نفسي.


نصائح من الباحثين لتحقيق حياة جيدة فعليًا

لتحقيق التوازن في مفهوم "الحياة الجيدة"، أوصى الباحثون بمجموعة من الخطوات العملية:

ابحث عن المعنى اليومي في الأشياء الصغيرة، لا فقط في الطموحات الكبرى.

كوّن شبكة علاقات صحية تشعرك بالأمان والدعم والانتماء.

وازن بين الإنجاز والراحة: لا فائدة من النجاح إن كنت لا تستمتع بالحياة.

مارس التأمل أو الكتابة الذاتية لفهم مشاعرك وتحقيق تواصل داخلي.

احرص على أن تكون جزءًا من مجتمع يقدّرك كما أنت.

السعادة وحدها ليست كل شيء

في النهاية، تؤكد الدراسة أن الحياة الجيدة ليست وجهًا واحدًا للسعادة أو تحقيق هدف، بل هي لوحة متكاملة تجمع بين الشعور بالمعنى، والراحة النفسية، والعلاقات الإنسانية الداعمة.

قد تملك كل ما تريده، لكن بدون شعورك أنك منسجم مع نفسك ومَن حولك، تظل الحياة ناقصة. لذلك، لا تبحث فقط عن "النجاح" أو "السعادة"، بل ابحث عن "الاكتمال النفسي".

تم نسخ الرابط