ما الذي يمنع تركيا من إنقاذ أحمد الشرع لمواجهة النفوذ الإسرائيلي بجنوب سوريا؟

بالتزامن مع الاضطرابات الأمنية في محافظة السويداء السورية وتزايد الهيمنة الإسرائيلية على قرارات السلطة السورية في الجنوب، تتصاعد التساؤلات بشأن الدور التركي الغائب ظاهريًا عن مشهد حماية النظام السوري، خاصة في ظل تصريحات متكررة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تؤكد التزامه التاريخي بعدم التخلي عن سوريا.
تفقد تركي لقواعد جوية بقصف إسرائيلي في سوريا
فقدت تركيا ثلاث قواعد جوية رئيسية تابعة لها على الأقل داخل الأراضي السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية، تمهيدًا لنشر قواتها فيها ضمن اتفاق دفاع مشترك محتمل.
إلا أن هذه التحركات لم تمر مرور الكرام، حيث شنت إسرائيل ضربات جوية استهدفت تلك المواقع بعد أيام من زيارات الفرق التركية، في خطوة بدت كرسالة عسكرية وسياسية مزدوجة.
وكانت أبرز الضربات قد وقعت، عندما شنت الطائرات الإسرائيلية قصفًا مكثفًا على قاعدة تي4 الجوية وقاعدة تدمر في محافظة حمص، إضافة إلى المطار العسكري الرئيسي في محافظة حماة، وهي المواقع الثلاثة التي أكدت المصادر أن أنقرة قد زارتها وقيّمت بنيتها التحتية، بما في ذلك حالة مدارج الطائرات وحظائرها.
وتشير هذه التطورات إلى تصاعد خطر المواجهة بين جيشين إقليميين بارزين وهما الجيش التركي من جهة، وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى على الأرض السورية، ورغم أن تركيا ظلت لسنوات راعياً عسكريًا وسياسيًا رئيسيًا لقوات المعارضة السورية، فإن تحركاتها الأخيرة توحي بتحول نحو دور أكثر انخراطًا، وربما أكثر احتكاكًا، مع قوى إقليمية أخرى داخل سوريا.
ووفق مصدر سوري مطلع، فإن زيارة الفرق التركية للمنشآت العسكرية جاءت ضمن خطط موسعة لأنقرة لتعزيز وجودها داخل سوريا وإعادة تموضعها في مرحلة ما بعد الحرب، خاصة في وسط البلاد، مشيرًا إلى أن الاتفاق الدفاعي المحتمل قد يتضمن إنشاء قواعد تركية جديدة، واستخدام المجال الجوي السوري بشكل أكثر حرية.
رسائل تركية وإسرائيلية متبادلة
رغم القصف الإسرائيلي، حاولت تركيا تخفيف التوتر مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال التأكيد على أن زيادة وجودها العسكري في سوريا لا تستهدف إسرائيل، حيث قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن بلاده لا تسعى لمواجهة مع إسرائيل في سوريا،
وأضاف وزير الخارجية التركي في مقابلة مع وكالة "رويترز": "تصرفات إسرائيل في سوريا تمهد الطريق لعدم استقرار طويل الأمد في المنطقة"، محذرًا من نتائج تلك الضربات على مستقبل التوازنات الإقليمية.
من جهته، أكد مسؤول إسرائيلي كبير أن تل أبيب لا تسعى إلى صراع مع أنقرة، لكنه عبّر عن قلق بلاده من احتمال تمركز قوات تركية على الحدود، قائلاً: "لا نريد أن نرى تركيا على حدودنا، وكل الوسائل متاحة للتعامل مع هذا الوضع".
نتنياهو: لن نسمح إنشاء قواعد عسكرية تركية في سوريا
وفي تسجيل مصوّر نشر قبيل مغادرته واشنطن وقتها، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل لن نسمح إنشاء قواعد عسكرية تركية في سوريا، معتبرًا أنها تمثل "تهديدًا مباشرًا" على أمن بلاده، ومهددًا بـ"العمل ضدها إذا لزم الأمر".
تركيا وسوريا.. ما بين الالتزام التاريخي والتوازنات الراهنة
تُثير هذه التحركات المتبادلة تساؤلات عن مدى التزام تركيا بموقفها المعلن تجاه حماية سوريا، لا سيما بوجود قيادات سورية مثل أحمد الشرع الذين كانوا يتطلعون إلى دور تركي أكثر وضوحًا في منع الانهيار التام للدولة السورية أو تقاسمها بين قوى أجنبية.
ويرى مراقبون أن أنقرة تمضي حاليًا في سياسة التوازن الحذر، إذ تحاول فرض نفوذ استراتيجي داخل سوريا دون الانجرار إلى صدام مباشر مع إسرائيل، مع الحفاظ على مصالحها الجيوسياسية طويلة الأمد في منطقة باتت تمثل محورًا لصراعات إقليمية متشابكة.