في قلب الأزمة.. أطفال غزة يواجهون موتاً بطيئاً وسط صمت عالمي

يشهد قطاع غزة تصعيدًا مأساويًا في الأزمة الإنسانية، حيث سجلت خلال الـ24 ساعة الماضية وفاة 18 طفلًا نتيجة الجوع وسوء التغذية، ما رفع إجمالي ضحايا الأطفال إلى 86 منذ بداية التصعيد الحالي، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والعدوان المستمر على القطاع.
وأكدت مصادر طبية أن المستشفيات في غزة تستقبل يوميًا مئات الحالات التي تعاني من إرهاق شديد وأعراض تهدد الحياة، مثل ضعف الذاكرة وانعدام الطاقة، وسط نقص حاد في الأسرة والمستلزمات الطبية والأدوية الضرورية.
وأشارت التقارير إلى أن من بين ضحايا الجوع 76 طفلًا، معظمهم في شمال القطاع، حيث يعاني نحو 17 ألف طفل من سوء تغذية حاد، بينهم 800 في حالات حرجة تستوجب التدخل العاجل.
إبادة جماعية بالتجويع
وفي تصريح صادم، حذر مدير مجمع الشفاء الطبي من الوضع الكارثي الذي تواجهه الطواقم الطبية، مشيرًا إلى أنهم يعملون دون طعام منذ أكثر من يوم، مع ارتفاع عدد الوفيات بسبب غياب الغذاء والعلاج، واصفًا الحالة بـ"إبادة جماعية بالتجويع".
من جانبها، أطلقت وكالة "الأونروا" تحذيرًا شديد اللهجة من تدهور أوضاع الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة، حيث كشفت فحوصات أجرتها بين مارس ويونيو على حوالي 74 ألف طفل عن انتشار واسع لسوء التغذية الحاد، ما يفاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
وتؤكد هذه الأوضاع المأساوية الحاجة الملحة لتدخل دولي عاجل لرفع الحصار وتوفير المساعدات الإنسانية والدوائية اللازمة لإنقاذ حياة الأطفال والمواطنين في غزة.
غارة إسرائيلية تحصد أرواح أطفال عند نقطة مياه
في مشهد آخر يعكس حجم المأساة، سقط عشرة مدنيين، بينهم ستة أطفال، جراء غارة جوية إسرائيلية قرب نقطة لتوزيع المياه في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. وأوضحت مصادر طبية في مستشفى العودة أن الغارة أسفرت أيضاً عن إصابة 17 آخرين.
وفي بيان مقتضب، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بوقوع "خلل فني" أثناء استهداف أحد عناصر حركة "الجهاد الإسلامي"، أدى إلى انحراف الصاروخ وسقوطه على مقربة من المدنيين، ما تسبب في وقوع الضحايا، معربًا عن "الأسف" دون تقديم ضمانات بعدم تكرار مثل هذه العمليات.
تأتي هذه الضربة في وقت تشهد فيه غزة أزمة مياه خانقة، أجبرت الأهالي على التزود بالمياه من نقاط توزيع محدودة، بعد توقف محطات التحلية والصرف الصحي نتيجة نقص الوقود.
ارتفاع مرعب في عدد الضحايا واستمرار التدهور الإنساني
وبحسب وزارة الصحة في غزة، ارتفع عدد القتلى الإجمالي منذ بداية الحرب إلى أكثر من 58 ألف شهيد، بينهم 139 خلال الساعات الأخيرة وحدها، في وقت يتواصل فيه الحصار وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات.
محادثات في الدوحة وظلال الحرب تخيّم على الأفق
وتتواصل في العاصمة القطرية الدوحة محادثات غير مباشرة برعاية أمريكية تهدف إلى التوصل لوقف إطلاق نار مؤقت مدته 60 يوماً، ورغم العقبات، عبّر مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستيف ويتكوف، عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى هدنة خلال الأيام المقبلة.
لكن التفاؤل السياسي يصطدم بواقع ميداني أكثر قسوة، حيث يعاني أكثر من مليوني نازح من غياب المأوى والمواد الأساسية، مع انعدام شبه كامل للأمان في مختلف أنحاء القطاع.
نتنياهو يعد المتطرفين باستئناف الحرب بعد الهدنة
وفي سياق موازٍ، كشفت القناة 12 العبرية أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بأن الجيش سيستأنف عملياته العسكرية فور انتهاء فترة الهدنة، ضمن خطة تشمل نقل السكان إلى جنوب القطاع وفرض حصار شامل على شماله، بحجة "فصل المدنيين عن حماس".
وبحسب التسريبات، قدّم نتنياهو هذه الوعود خلال اجتماعات مغلقة استجابة لضغوط من سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين طالباه بضمان استئناف الحرب بكامل قوتها فور انتهاء التهدئة.
وبرر نتنياهو تأخر حسم المعركة ضد حماس بانشغاله مؤخراً بملف إيران، مؤكداً أنه سيكرّس جهوده الآن لضمان تنفيذ الجيش لـ"تعليماته العسكرية الكاملة".
في المقابل، تطالب حركة حماس بضمانات دولية لإنهاء الحرب نهائياً بعد الهدنة، وهي نقطة لا تزال محل رفض إسرائيلي حتى اللحظة. وفي تصريح جديد، أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التأكيد على أمله في تحقيق اتفاق خلال الأسبوع المقبل، رغم أن وعوده السابقة لم تحقق اختراقاً يُذكر.