ما حكم التعامل مع الزوجة سيئة الأخلاق؟ دار الإفتاء توضح

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول : ما الحكم الشرعي في زوجة لا تُؤدي الصلاة، وتخرج متبرجة، وتُفشي أسرار حياتها الزوجية، وتُسيء معاملة زوجها وتتعمد تشويه صورته أمام أهلها، بل وتقصِّر في واجب مشاركته في أحزانه، رغم وفاة والده مؤخرًا؟
علمًا بأن الزوج قد غادر منزل الزوجية منذ نحو شهر، بعد أن بلغ به الحال مبلغًا كبيرًا من الأذى النفسي، وقد اشترط للعودة التزام الزوجة بالصلاة والحجاب، والتوبة عن كشف خصوصيات بيته، وحسن معاملته وطاعته.
فهل استمرارها على هذا الحال دون تغيير يُعَدُّ مبررًا شرعيًا للطلاق، خاصّةً وأن بينهما طفلتين إحداهما في الخامسة من عمرها، والأخرى لا تتجاوز الثلاث سنوات؟
وأجابت إذا صح ما ورد في السؤال، فينبغي على الزوج أن يبذل جهده في إصلاح زوجته قبل التفكير في الطلاق أو فراقها، وذلك أداءً للواجب الشرعي في النصح، وإبراءً للذمة أمام الله، وحتى لا يندم لاحقًا على ترك فرصة كان يمكن من خلالها تقويم حالها.
ويُستحب أن تكون النصيحة برفق ولين، بعيدًا عن القسوة أو العنف، لأنه مسؤول عنها، وراعٍ في بيته، وهذه المسؤولية تتطلب صبرًا وحكمة وتحملًا.
كما يُنصح باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، والإكثار من الذكر والاستغفار، وأداء صلاة الحاجة، ثم الاستعانة بأشخاص لهم مكانة وتأثير في نفس الزوجة ممن قد تستجيب لنصحهم.
فإن ظهرت منها بوادر التحسن والتغيير، فليحمد الله على توفيقه، وليكفّر عن يمينه – إن كان قد أقسم على مفارقتها – بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم.
أما إن استمرت الحال على ما هي عليه، واستحال استمرار الحياة الزوجية، فله أن يستخير الله تعالى، ثم يُقدم على الطلاق إذا غلب على ظنه أنه الحل، مع الحرص على إنهاء العلاقة بسماحة وخلق طيب، كما قال تعالى: ﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾
تحذير من ترك الصلاة
أكدت دار الإفتاء أن ترك الصلاة من الكبائر العظيمة التي لا يجوز لمسلم عاقل بالغ أن يتهاون فيها، فهي عماد الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة. واستدلت على ذلك بقول الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة: 43]، وقوله سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ﴾ [مريم: 59]، كما جاء عن النبي ﷺ: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر». وأوضحت أن الصلاة لا تسقط عن المسلم إلا في حال غياب العقل كليًّا بجنون أو إغماء.
إفشاء أسرار الزوج
ونبّهت الإفتاء إلى حرمة إفشاء المرأة لأسرار زوجها، مؤكدة أن الزوجة مؤتمنة على بيتها، وما يُقال فيه يجب أن يبقى فيه، استنادًا إلى قول الله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ﴾ [النساء: 34]، وقول النبي ﷺ: «المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها».
تشويه صورة الزوج وإهماله
وأشارت إلى أن من المحرمات كذلك تعمُّد تشويه الزوج أمام الآخرين أو الإساءة إليه في المعاملة، فمكانته عظيمة، ورضاه من رضا الله، كما قال النبي ﷺ: «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق».
طاعة الزوج في المعروف
أكدت الدار أن طاعة الزوج في المعروف واجبة، وهو باب الزوجة إلى الجنة، ورضاه عنها سبب في رضا الله، محذرة من التهاون في ذلك، حيث جاء في الحديث: «أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة».
حكم خلع الحجاب
وبيّنت الإفتاء أن الحجاب فريضة شرعية واجبة على كل أنثى بالغة، ولا يجوز للمرأة أن تخلعه أمام الرجال الأجانب. واستشهدت بقوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 59]، وبقوله: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ [النور: 31]، مؤكدة أن وجوب الحجاب من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة.
نصيحة للزوج في حال تقصير زوجته
وفي حال صدور هذه السلوكيات من الزوجة، نصحت دار الإفتاء الزوج بالصبر والتلطّف في النصيحة، وعدم التسرع في الانفصال، والسعي لإصلاح الحال بالحكمة والموعظة الحسنة، كما في قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132]. وشجعت على استخدام الدعاء، وصلاة الحاجة، والاستعانة بمن له تأثير على الزوجة، قبل التفكير في الطلاق. فإن استجابت فالحمد لله، وإن أصرّت على التقصير، فيجوز له المفارقة بعد استخارة واستنفاد الوسائل الشرعية، مستشهدة بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: 130]