ما حكم القيام بالأذان في أذن المولود عند ولادته؟ الإفتاء توضح
يحرص كثير من المسلمين على القيام بـالأذان في أذن المولود فور ولادته، اعتقادًا بأنها سنة نبوية تحفظ الطفل وتبارك بدايته في الحياة، بل يعتبرها البعض من أولى علامات استقبال المولود في الإسلام.
وهنا يبرز التساؤل: هل الأذان في أذن المولود سُنة صحيحة ثابتة عن النبي ﷺ؟ أم أنها عادة لا أصل لها في الشريعة؟
وفي هذا الإطار أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يُستحَبُّ لمن وُلِد له ولد أن يؤذِّن في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى، ذكرًا كان أو أنثى، ويكون الأذان بلفظ أذان الصلاة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ».
تعريف الأذان
الأذان لغة: الإعلام والإشعار بوقت الصلاة، تقول العرب قد أذنت بهذا الأمر، أي: علمته، وآذنني فلان، أي: أعلمني. ينظر: "مقاييس اللغة" للعلامة ابن فارس ، و"المخصص" للعلامة ابن سيده ، و"التعريفات" للإمام الجرجاني .
ويرى الفقهاء أنَّ الأصل في الأذان أن يكون للإعلام بدخول وقت الصلاة. ينظر: "الاختيار لتعليل المختار" للإمام الموصلي ، و"حاشية العدوي على شرح مختصر خليل" للعلامة العدوي، و"نهاية المحتاج" للإمام شهاب الدين الرملي ، و"المغني" للشيخ ابن قدامة .
آراء الفقهاء في حكم الأذان في أذن المولود عند الولادة
الفقهاء مختلفون في حكم التأذين في أذن المولود حين ولادته؛ فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى استحباب التأذين في أذن المولود عند ولادته؛ وذلك لفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعَنْ عُبَيْدِ الله بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ «أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ» أخرجه الإمام أبوداود، والإمام الترمذي في "السنن"، وقال أبو عيسى عَقِبه: هذا حديث حسن صحيح؛ قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار": [(قوله: لا يسنّ لغيرها) أي: من الصلوات، وإلا فيندب للمولود] .
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" : [السنَّة أن يؤذِّن في أذن المولود عند ولادته، ذكرًا كان أو أنثى، ويكون الأذان بلفظ أذان الصلاة؛ لحديث أبي رافع الذي ذكره المصنف، قال جماعة من أصحابنا: يستحب أن يؤذِّن في أذنه اليمنى ويقيم الصلاة في أذنه اليسرى] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" : [وسُنَّ أن (يؤذِّن في أذن المولود اليمنى)، ذَكَرًا كان أو أنثى (حين يولد، و) أن (يقيم في اليسرى)] .
وذهب الإمام مالك إلى كراهة التأذين في أذن المولود، وذهب بعض أصحابه كالجزولي والحَطَّاب إلى جواز العمل به؛ لجريانه عليه؛ قال العَلَّامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" : [قال الشيخ أبو محمد بن أبي زيد في كتاب "الجامع من مختصر المدونة": وكره مالك أن يؤذن في أذن الصبي لمولود.. وقال الجزولي في "شرح الرسالة": وقد استحب بعض أهل العلم أن يؤذَّن في أذن الصبي، ويقيم حين يولد انتهى.. (قلت): وقد جرى عمل الناس بذلك فلا بأس بالعمل به] اهـ.
ولعل مُدْرَك الإمام مالك في الكراهة عدم ثبوت نصٍّ صحيحٍ لديه في التأذين في أُذن المولود؛ لا سيما وأَنَّ بعض حفاظ الحديث قد ضَعَّفوا حديث أبي رافع السابق، ومنهم: يحيى بن معين، وابن حبان، وأبو إسحاق الجوزجاني صاحب كتاب "أحوال الرجال". ينظر: "التحقيق في مسائل الرجال" للإمام ابن الجوزي
