عاجل

في ذكرى ميلاده.. يوسف فوزي فنان اختار الصمت بعد صراع مع المرض

يوسف فوزي
يوسف فوزي

تُحيي الأوساط الفنية اليوم، الأربعاء الموافق 16 يوليو، الذكرى الثمانين لميلاد الفنان القدير يوسف فوزي، أحد أبرز الوجوه الهادئة والمؤثرة في الدراما والسينما المصرية، والذي رغم ابتعاده عن الساحة منذ نحو تسع سنوات، لا يزال اسمه حاضرًا في قلوب الجمهور والمحبين، الذين لطالما رأوا فيه مثالًا للفنان المثقف الرصين.

نشأة يوسف فوزي

ولد يوسف إسماعيل فوزي عام 1945 في القاهرة، وسط أسرة ذات خلفية ثقافية وفنية؛ فوالده كان مهندس صوت شهيرًا في "استوديو مصر"، ووالدته بريطانية الأصل كانت قد درست التمثيل في أكاديمية "رادّا" المرموقة بلندن، وكانت أول امرأة تظهر على شاشة التلفزيون الملون في بريطانيا. هذه البيئة الثقافية المتنوعة ساهمت في تشكيل ملامح شخصية يوسف فوزي، ومنحته أفقًا واسعًا منذ نعومة أظافره.

 من تجارة القاهرة إلى كاميرا السينما

رغم حبه المبكر للفن، التحق يوسف فوزي بكلية التجارة بجامعة القاهرة، لكنه لم يبتعد كثيرًا عن الحلم. شارك في النشاط المسرحي بالجامعة، وتعلّم أصول الأداء واللغة على يد كبار الأساتذة، كما أمضى فترة دراسية قصيرة في إنجلترا ما عزز من لغته وثقافته وأسلوبه في الحياة والتمثيل.

جاءت انطلاقته الفنية الحقيقية عام 1984 من خلال فيلم "النمر الأسود" أمام النجم الراحل أحمد زكي، حيث جسّد شخصية شاب ألماني عنصري يتصادم مع البطل، ونجح حينها في لفت الأنظار بأدائه المتزن وملامحه الأجنبية التي كانت سببًا في اختياره لأدوار متعددة لاحقًا.

أدوار صغيرة.. وبصمة لا تُنسى

على مدار أكثر من 30 عامًا، شارك يوسف فوزي في عشرات الأعمال، منها ما جاء في أدوار ثانوية، لكن حضوره كان دائمًا لافتًا ومؤثرًا. قدّم أدوار الطبيب، ورجل الأعمال، والضابط، والمحقق، والوزير، وحتى المريض النفسي، بأسلوب يتسم بالهدوء والصدق والبُعد عن المبالغة.

من أبرز مشاركاته التلفزيونية: "مسلسل المال والبنون"، "مسلسل أوبرا عايدة"، "مسلسل الملك فاروق"، "مسلسل فارس بلا جواد"، "مسلسل أنا وهؤلاء"، "مسلسل لحظات حرجة"، "مسلسل عوالم خفية"، و"مسلسل عايش في الغيبوبة". أما في السينما، فله بصمات في أفلام مثل "فيلم حتى لا يطير الدخان"، "فيلم عصر القوة"، "فيلم العملية 42"، "فيلم ظرف طارق"، "فيلم الجاسوسة حكمت فهمي"، و"المشخصاتي".

ورغم أنه لم يكن نجم شباك أو بطل أول، إلا أن المخرجين والمنتجين كانوا يثقون في أدائه، خاصة حين يحتاج الدور إلى وقار داخلي وأداء نفسي معقد.

أزمة صحية.. وانسحاب صامت

في عام 2015، بدأ الجمهور يلاحظ غياب يوسف فوزي عن الساحة، ليتبين لاحقًا أنه يعاني من مرض "الشلل الرعاش" (باركنسون)، وهو مرض عصبي يؤثر على حركة الجسم والتركيز والنطق. وفي عام 2016، أعلن الفنان اعتزاله التمثيل رسميًا، مؤكدًا في تصريحات صحفية أنه لم يعد قادرًا على الوقوف أمام الكاميرا أو حفظ النصوص أو التحكم في حركة جسده.

ورغم العروض التي تلقاها للعودة بأدوار تتناسب مع حالته الصحية، رفض يوسف فوزي الظهور على الشاشة وهو يعاني من المرض، مفضلًا أن يحفظ الجمهور صورته كما كانت، قويًا وصاحب حضور، في لقاء نادر أُجري معه عام 2022، ظهر فوزي جالسًا في منزله بهدوء، وتحدث بصوت متقطع عن ألمه ورضاه في الوقت ذاته، مؤكدًا أن "قراءة القرآن والصلاة" هما رفيقاه الدائمان، وأنه متصالح تمامًا مع قدره.

حياة شخصية بعيدة عن الأضواء

على الصعيد الشخصي، تزوج يوسف فوزي أربع مرات، وله ثلاثة أبناء: "منيرة"، "سارة"، و"عمر"، يعيش معهم حياة هادئة بعيدًا عن الصخب، في منزله بمنطقة المهندسين. لم يكن من هواة الظهور الإعلامي، ولم يلاحقه الجدل، وظل مخلصًا لفنه ولجمهوره حتى اللحظة الأخيرة.

تم نسخ الرابط