هل تغير منظومة الدفاع الجوي الأمريكية "باتريوت" موازين حرب روسيا وأوكرانيا

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن موافقته على إرسال منظومات الدفاع الجوي الأمريكية "باتريوت" إلى أوكرانيا، ضمن اتفاق تمويلي تتحمله بالكامل دول أوروبية، في تحرك يفتح باب التساؤلات حول ما إذا كان هذا القرار سيعيد رسم خارطة القوة في الحرب المستمرة مع روسيا.

فحسب ما أوردته مجلة نيوزويك الأمريكة، فإن قرار دونالد ترامب جاء مدفوعًا بتزايد استيائه من سلوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خاصة مع تكرار التصعيد العسكري الروسي في أوكرانيا، حيث تمثل هذه الخطوة تحولًا ملحوظًا في موقف ترامب الذي طالما انتقد لنهجه الحذر تجاه الدعم العسكري لكييف.

دعم أوروبي مباشر لأوكرانيا

وأوضح ترامب أوضح خلال مؤتمر صحفي أن منظومات "باتريوت"، التي وصفها بأنها "ضرورية للغاية" لأوكرانيا، سيتم شحنها قريبًا، مؤكدًا أن التمويل الكامل لها سيكون من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، مضيفًا بشكل حاد: "بوتين يتظاهر بالهدوء صباحًا، ثم يبدأ القصف ليلًا، وهذا غير مقبول".

ووفقًا للمجلة، وافقت ألمانيا على تمويل ما لا يقل عن بطاريتين من "باتريوت"، بينما أعلنت النرويج التزامها بتمويل وحدات إضافية ضمن المبادرة الأوروبية المشتركة.

ما الذي تعنيه "باتريوت" ميدانيًا؟

تعد منظومة "باتريوت"، التي طورتها شركة "رايثيون تكنولوجيز"، =من أقوى أنظمة الدفاع الجوي المتحركة عالميًا، ومخصصة للتصدي للطائرات، وصواريخ كروز، والطائرات المسيرة، والصواريخ الباليستية التكتيكية.

ويصل مدى البطارية الواحدة تتكون من رادار، مركز تحكم، قاذفات، ومركبات لوجستية، وتستطيع تتبع أهداف إلى 160 كيلومترًا، على ارتفاعات تتجاوز 22 كيلومترًا، لكن كلفتها العالية تعد تحديًا، حيث تصل تكلفة البطارية إلى نحو 1.1 مليار دولار، بينما يبلغ سعر الصاروخ الواحد نحو 4 ملايين دولار، حسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

فعالية محدودة أم بداية لتحول سياسي؟

رغم أهمية القرار من الناحية العسكرية، إلا أن التحليل الذي قدمته نيوزويك أشار إلى أن "باتريوت" وحدها لن تكون كافية لإحداث تحول كبير في مجريات المعارك.

واعتبرت المجلة أن الخطوة تحمل في طياتها دلالة سياسية أكثر من كونها استراتيجية عسكرية خالصة، خصوصًا أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون للضغط على موسكو باتجاه القبول بتسوية دبلوماسية.

وأوضح مارك كانسيان، وهو مستشار بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن التحضيرات لإرسال مثل هذه الأنظمة تستغرق عدة أشهر، وأن استخدامها الفعلي سيكون موجّهًا نحو الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، والتي لا تمثل سوى نحو 10% من الهجمات الروسية.

وأشار إلى أن روسيا تعتمد بشكل أكبر على الطائرات المسيّرة الانتحارية ذات التكلفة المنخفضة، ما يجعل من الضروري توفير منظومات متعددة لمواجهة التهديدات الجوية المتنوعة.

سباق تسليح واستنزاف مستمر

بحسب كانسيان، فإن التحديات التي تواجهها أوكرانيا لا تقتصر على الدفاعات الجوية، بل تشمل نقصًا حادًا في الذخائر والإمدادات والأسلحة المتنوعة، وفي ظل الاشتباكات المستمرة على أكثر من جبهة، فإن وتيرة الاستهلاك العسكري في أوكرانيا تتطلب دعمًا متواصلاً وكثيفًا.

المجلة أضافت أن قرار ترامب بدعم الصفقة الأوروبية جاء استجابةً مباشرة لطلبات عاجلة من كييف، إلى جانب خيبة أمله المتزايدة من تجاهل بوتين لمحاولات واشنطن لإعادة فتح قنوات الحوار.

هل تكفي "باتريوت" وحدها؟

رغم أن إعلان ترامب عن رفع الحظر المفروض على إرسال أنظمة الأسلحة يُمثل تطورًا كبيرًا، فإن المراقبين يرون أن هذه الخطوة لن تكون كافية لتغيير موازين القوى على الأرض بشكل حاسم، ما لم تُرفق بتحركات شاملة تشمل تسليحًا موسعًا، دعمًا لوجستيًا، وتحركًا سياسيًا متزامنًا لكبح التصعيد الروسي.