«كتاتيب مصر تثير فزع الاحتلال».. لماذا يغضب الكيان من تحركات الأزهر والأوقاف؟

شكل مُضى وزارة الأوقاف في مبادرة لإحياء الكتاتيب في القرى والنجوع المصرية، عباءً إضافيًا على الاحتلال الإسرائيلي، الذي أعربت وسائل إعلامه عن حالة الغضب تجاه بيان شيخ الأزهر الشريف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب حول زيارة بعض أئمة أوروبا المطبعين للكيان قبل أيام.

ووسط تلك الإدانة والغضبة الصهيونية كانت إشارة وسائل الإعلام العبرية إلى الكتاتيب بوصفها مصدر قلق جديد للكيان وأنها سنتنتج مزيد من الكارهين لإسرائيل، فماذا قالت الدولة المصرية عن مبادرتها لإحياء الكتاتيب وماذا قال العلماء عن القلق الإسرائيلي بشأنها؟

مشروع نادى به الرئيس ونفذته الأوقاف

كان قد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 30 ديسمبر 2024 بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة، والاستمرار في برامج تدريبهم وتأهيلهم علمياً وثقافياً وفقاً لأحدث النظم والأساليب ذات الصلة، كما وجه بالدراسة الدقيقة لمبادرة عودة الكتاتيب وجدوى تطبيقها ومدى تأثيرها في تنشئة الأجيال.

مبادرة إحياء الكتاتيب 

البداية، تحدث الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن عودة الكتاتيب بالتنسيق مع وزارة الأوقاف، مؤكدًا أنها تقدم دورًا قويًا وتماثل رياض الأطفال، مشيرًا في مؤتمره الصحفي، ضرورة أن تعبر هذه الكتاتيب عن ثوابت الدولة الوطنية القائمة على التسامح والاحترام لكل الأديان.

ننشئ جيلًا متزنًا قادرًا على التعامل مع متغيرات الحياة بثقة وعلم

وفي حوار سابق لـ نيوز رووم أكد الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، أن مشروع الكتاتيب المطورة ليس محاولة لإعادة الماضي كما هو، بل هو خطوة نحو المستقبل، حيث نمزج بين الأصالة والمعاصرة، هدفنا ليس مجرد تحفيظ القرآن الكريم، بل غرس القيم الأخلاقية وتعليم الفهم الصحيح للنصوص الشرعية، مع الاستفادة من أحدث الوسائل التربوية والتعليمية.

وقال: نحن نعمل على تطوير الكُتَّاب ليكون بيئة تعليمية متكاملة، بحيث يتلقى الأطفال فيها تعليمًا دينيًا سليمًا، في إطار يراعي احتياجات العصر. كما أننا نحرص على تأهيل المعلمين بشكل مستمر، ليكونوا قادرين على تقديم هذا النموذج الجديد بكفاءة وفاعلية.

وشدد على أنه لا أساس لتلك المخاوف التي تصف المشروع بالرجعية، قائلًا: «لا نعود إلى الوراء، بل نؤسس لمستقبل يجمع بين الالتزام الديني والتقدم العلمي، لننشئ جيلًا متزنًا قادرًا على التعامل مع متغيرات الحياة بثقة وعلم».

مصر ستظل مساندة وداعمة لقيام دولة فلسطين وعودة الحق

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور حمادة شعبان، مشرف وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر، إن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الكيان الصهيوني للأزهر الشريف، بسبب أن الأزهر يرصد جرائمه ويرد عليها ويكشف للعالم بمختلف اللغات من خلال مرصده لمكافحة التطرف. 

وتابع في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم»: اليوم نرى انتقادًا لمشروع الكتاتيب الذي أطلقته وزارة الأوقاف لتعليم القرآن الكريم بالأساليب العلمية، وكذلك الكتاتيب التي تعلم القرآن للأطفال في الأجازة الصيفية، ويزعمون أن هذه الكتاتيب سوف تنشر كراهية ضد كيانهم المحتل، متناسين أن سبب كره العالم الحر لهم هو آلة القتل التي يعملونها في الشعب الفلسطيني والتي تجاوزت جميع الحدود، وذهب ضحيتها ما يقرب من 100 ألف فلسطيني. 

وأضاف: إن كانوا يريدون حقًا أن ينظر إليهم العالم العربي نظرة إيجابية فالطريق إلى ذلك معروف، فعليهم إيقاف المجاذر، والسماح بدخول المساعدات وإعادة الإعمار، ووقف الاستيطان، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، والسماح بقيام دولة فلسطين... عدا ذلك لن تتغير النظرة إليهم.

كما يجب على قادة هذا الكيان أن يعلموا أن مصر ليست كالدول التي اعتاد قادة إسرائيل على محاباتها لهم، وتجاوزها عن جرائمهم، وازدواجية معاييرها لصالحهم، بل إن مصر ستظل مساندة وداعمة لقيام دولة فلسطين وعودة الحق إلى أصحابه، ولن تصمت على جرائم الاحتلال البشعة في حق الأطفال والنساء والأبرياء والتي ما كان الغرب ليتحملها أو ليصمت صمت القبور عنها إن كان ضحاياها ينتسبون إلى أي فئة أخرى من غير العرب والمسلمين. 

كما أدعو إعلام إسرائيل وقادتها إلى التعرف على الأزهر وقراءة مناهجه وخطابات شيخه إن أرادوا معرفة المعنى الحقيقي للسلام، كما أدعوهم إلى النظر إلى هذا المقتطف من كلمة فضيلة الإمام الأكبر في عام 2014، التي قال فيها: "ظن القائمون على هذا الكيان أن إضعاف من حوله من الجيران سيكون مصدر قوته وأمنه وسلامه، ونسوا أو تناسوا أن حقائق التاريخ والجغرافيا وطبائع الأمور تأبى تصور سفينة آمنة من الغرق والموج من حولها عاتٍ ومصطفق، وتقضي بأن السلام الذي يُحرم منه الجيران يُحرم منه هذا الكيان، طال الأمد أو قصر". 

وشدد عليهم أن يحذروا من محاولة التدخل في شئون أي مؤسسة مصرية، وأن يضعوا دائمًا نصب أعينهم مقولة الرئيس "عبد الفتاح السيسي": "محدش يجرب مصر!".

تدخل سافر في شؤننا الداخلية

بدوره قال عبدالغني هندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن حديث الإعلام العبري عن الكتاتيب هو تدخل سافر في شؤننا الداخلية، وجزء من البلطجة التي تمارسها إسرائيل في العالم العربي.

وأكد عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم» أن القرآن علمنا كيف نتعامل مع أتباع النبي موسى عليه السلام من اليهود وأتباع النبي عيسى عليه السلام من النصارى، وأننا ننظر إلى أهل الكتاب بوصفهم مؤمنين ونتعايش معهم بسلام ومحبة، إلا أننا أمام دولة الصهيونية العالمية والتطرف سمة تغلبها في إقصاء وإبادة الآخر. 

الكتاتيب تؤرق المسؤولين الإسرائيلين

وفق تقرير موقع "ناتسيف" الإخباري الإسرائيلي تحت عنوان "مقلق للغاية!"، فإن إسرائيل تراقب بخطوات مقلقة عملية تنامي نشاط "الكتاتيب" في مصر، وفق زعمه.

وأشار الموقع العبري إلى أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، كان قد أمر بإنشاء آلاف "الكُتّاب" أو ما يعرف "الكتاتيب" في المساجد في جميع أنحاء مصر.

انتقادات عبرية لبيان الأزهر ضد أئمة أوروبا المطبعين 

كما انتقد الموقع العبري هجوم الأزهر الشريف، على الأئمة الأوروبيين الذين زاروا إسرائيل مؤخرًا، ووصف بيان الأزهر في هذا الشأن بأنه متطرف وخطير يقارب خطاب داعش.